ـ وأما النصب فعلى أن تكون «إذا» خبرا يتم بها الكلام فتضمر قبل «صوت حمار» فعلا يعمل فيه. وإن شئت نصبته على الحال.
هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه عذر لوقوع الأمر
وذلك قولك : فعلت ذاك حذار الشر ، وفعلته مخافة فلان ، وادخار فلان
قال حاتم :
* وأغفر عوراء الكريم ادخاره |
|
وأعرض عن شتم اللئيم تكرما (١) |
وقال الحارث بن هشام :
* فصفحت عنهم والأحبة فيهم |
|
طمعا لهم بعقاب يوم مفسد (٢) |
ويروى «ففررت عنهم» والمعنى أنه فر عن أعدائه المحاربين له منهزما وأحبته فيهم طمعا أن يعيش فيعود عليهم بيوم يعاقبهم فيه. وهذا البيت من أحسن الاعتذار فيما يأتيه المرء من قبيح الفعل.
وقال العجاج :
* يركب كل عاقر جمهور (٣) |
|
مخافة وزعل المحبور |
والهول من تهول المهبور |
العاقر : ما لا ينبت من الرمل. والجمهور : الكثير ، والزعل : النشاط. والمحبور : المسرور ، أي : يركب هذا الثور الموصوف ، فأعظم من الرمل مرة لخوفه من الصائد ، ومرة لنشاطه وسروره.
ويروى : «والهول من تهول المهبور» برفع الهول على الابتداء ، والهبور : الخوف والجبن.
واعلم أن المصدر المفعول له إنما هو السبب الذي له يقع ما قبله وهو جواب لقائل قال : لم فعلت كذا وكذا؟ فقال : بكذا وكذا ، كرجل قال لرجل : لم خرجت من منزلك؟ فيقول : لابتغاء رزق الله.
وبعضهم يقدره «بلولا» ومعناه : لو لا ابتغاء رزق الله ما خرجت ، وهو على ضربين :
ـ أحدهما : أن تفعل فعلا تجتذب به فعلا آخر كقولك : احتملتك لاجتلاب مودتك فهذا معنى يجتذبه باحتماله.
ـ والوجه الآخر : أن توقع بالفعل الأول معنى حاصلا وتجتذب به معنى آخر كقولك : فعلت هذا حذار شر ، كأن الحذار معنى حاصل يزيله بفعل ذلك الشيء ، ويجتذب ضده من الأمر.
ويجوز أن يكون هذا المصدر معرفة ونكرة ؛ لأنه ليس بحال فيحتاج إلى لزوم النكرة
__________________
(١) ديوان حاتم ١٠٨ ، الكامل ١ / ٢٩١ ، المقتضب ٢ / ٣٤٧ ، شرح النحاس ١٥٨.
(٢) شرح الأعلم ١ / ١٣٥ ، شرح النحاس ١٥٨ ، شرح السيرافي ٣ / ١٥٩.
(٣) ديوان العجاج ٢٨ ، شرح الأعلم ١ / ١٨٥ ، شرح النحاس ١٥٩.