ومذهب يونس أن الجماء الغفير اسم لأنه في موضع المصدر ، وأن الألف واللام في نية الطرح.
ورد هذا سيبويه وألزمه أن يجيز مررت به القائم ، وجعل يونس «قضهم» «وحده» بمنزلة كلمته فاه إلى في. فرد عليه سيبويه بأن قال «فاه إلى في غير الأول».
و «وحده» عند يونس هو الأول.
ومعنى ذلك أن يونس يجعل وحدة بمنزلة متواحدا أو منفردا. ويجعله للمرور به.
وقوله : «كلمته فاه إلى في» معناه المشافهة.
وفي قول يونس وجه آخر ، قال : إذا قلت : مررت به وحده ، فمعناه على حياله ، وعلى حياله في موضع الظرف ، وإذا كان الظرف صفة أو حالا قدر فيه مستقر ناصب للظرف ، ومستقر هو الأول.
وأما مذهب سيبويه في «وحده» فالذي قال أبو العباس أنه يحتمل أن يكون للفاعل والمفعول به.
ـ أما كونه للمفعول فهو أن تقول : مررت وحده ، أي : منفردا في مكانه ، لم يكن معه غيره.
ـ والآخر أن تجعل قصدك إليه دون غيره ، فتقول مررت به وحده ، أي : لم أعتمد غيره.
وكان الزجاج يذهب إلى أن «وحده» مصدر وهو من الفاعل دون المفعول. فإذا قلت : مررت به وحده فكأنك قلت : أفردته إفرادا ، ثم إن سيبويه جعل يونس ـ في جعله طرا وقاطبة اسمين لا مصدرين ـ أعذر منه في الجماء الغفير ؛ لأنهما نكرتان ، وهما اسمان ، غير أنه لا يقول بقوله من أجل أنه لو كانا اسمين يوصف بهما لجاز أن يستعملا متمكنين ؛ لأن هذا سبيل الصفات التي تستعمل أحوالا.
قال : «وتقول هو نسيج وحده».
فهذا مدح ، وأصله أن الثوب إذا كان رفيعا لا ينسج على منواله غيره ، فكأنه قال : نسيج إفراده ، ويقال للرجل إذا انفرد بالفضل.
وأما : «عيير وحده ، وجحيش وحده».
فهو تصغير عير وهو الحمار. وجحيش وهو ولد الحمار ، ويذم بهما الرجل ، وهو الذي ينفرد برأيه ولا يخالط أحدا في مشورة ولا معونة ، ومعناه أنه ينفرد بخدمة نفسه ، ويقال : عيير نفسه وجحيش نفسه على ذلك المعنى.