وصارت ربيعة مع الأزد في قتال مضر ، وكان رئيسهم مسعود بن عمرو الأزدي ، فقتل مسعود ، ثم إن ربيعة صالحت مضر ، فلما اجتمعت ربيعة ومضر بعد أن افترقت قال الشاعر :
أصبحت نزارا
ونزار يجمع ربيعة ومضر لأنه أبوهما.
والمعنى : أصبحت مجتمعة الأولاد إذا دعا بعضهم بعضا إلى النصرة قال : يالنزار.
وفي حال التباين والعداوة والحرب كان يقول المضري منهم : يا لمضر ويقول الربيعي يا لربيعة ؛ لأن أحد الفريقين لم يكن ينصر الآخر.
فقوله : «أصبحت نزارا» بمنزلة دعاء بعضهم بعضا بهذا اللفظ ، ثم جاء بالمصدر وهو : «دعوة أبرار» توكيدا لذلك ، وأضافه إلى الفاعل تبيينا وتخصيصا.
وأنشد للراعي :
* دأبت إلى أن ينبت الظل بعد ما |
|
تقاصر حتى كاد في الآل يمصح (١) |
وجيف المطايا ثم قلت لصحبتي |
|
ولم ينزلوا : أبردتم فتروحوا |
فنصب «وجيف المطايا» على نحو ما مضى في الباب ؛ لأن دأبت قد دل على أنه بمعنى سرت سيرا شديدا دائما ، فصار بمنزلة قولك : أوجفت ، فجعل أوجيف المطايا توكيدا لأوجفت الذي هو في ضميره.
ومعنى قوله : «إلى أن ينبت الظل» أي : إلى وقت الزوال إذا زال الظل.
ومعنى يمصح : يذهب والوجيف : سير سريع والإبراد : إقبال برد العشي.
والدخول فيه.
هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال
صار فيه المذكور
ذلك قولك : أما سمنا فسمين ، وأما علما فعالم ... وأمّا نبلا فنبيل.
قال أبو إسحاق الزجاج : هذا الباب لم يفهمه أحد إلا الخليل وسيبويه ، ومعناه أن رجلا يدعى أو تدعى له أشياء فيعرف ببعضها فتدخل «أما» على ذلك ، كأن قائلا قال : أنا عالم وأنا دين وأنا شريف ، فأنكر السامع بعض ما قال وعرف بعضا ، فقال : مهما تذكر من شيء فأنت الرجل لعلم ، وحذفت اللام ونصب.
وكذلك إذا قال : هذا الفرس سمين وجواد ، قيل له : مهما تذكر ، فهو سمين من أجل سمن أو بسمن.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ١٩١ ـ ١٩٢ ، الكامل ١ / ٢٧٦ ، معاني القرآن ٣ / ٨٨٣.