بأخف الألفاظ.
وأما من ضم «حيث» فإنما ضمها لما كانت مستحقة للإضافة ومنعتها كما فعل «بقبل» و «بعد».
أما «أين» : فإنه اسم من أسماء المكان وهو يستوعب الأمكنة كلها متضمنة لمعنى الاستفهام.
ووجب أن يبنى على السكون لوقوعه موقع حرف الاستفهام ، إلا أنهم حركوها بالفتح لالتقاء الساكنين وآثروا الفتحة من أجل الياء التي قبلها ، ولكثرة دورها في الكلام.
وأما «كيف» فإنها يستفهم بها عن الأحوال ، ووقعت موقع ألف الاستفهام ، فوجب بناؤها على السكون ، فحركوا آخرها كما فعلوا ب «أين».
قوله : «والكسر فيها نحو : أولاء وحذار وبداد».
إن قال قائل : لم وجب الكسر في «أولاء»؟
قيل له : من أجل أنه إشارة إلى ما بحضرتك ما دام حاضرا ، فإذا زال لم يسم بذلك ، والأسماء موضوعة للزوم مسمياتها. فلما لم يلزم فيها ما وضع له ، صار بمنزلة المضمر الذي يعتقب الذكر إذا جرى ، ولا يؤتى به قبل ذلك ، فلما وجب بناء المضمر ، وجب بناء المبهم.
ووجب بناؤهما لأنه لا شيء إلا وحروف المعاني داخلة عليه ، فلما كان الضمير والإشارة داخلين على الأشياء كلها كدخول الحروف ، وجب بناؤهما.
فإن قلت : فأنت قد تقول : «شيء» فيكون واقعا على الأشياء كلها ، فهلا وجب بناؤه؟
فالجواب عن ذلك : أن «شيئا» هو اسم للمسمى لازم له في أحواله كلها ، والكناية والإشارة والحروف ، أعراض تعترض في الأشياء ، وليس شيء منها إلا يزول ، فافترق المعنيان وتباين الحكمان.
فإن قال قائل : لم استوى المذكر والمؤنث في «أولاء»؟
فالجواب : أن «أولاء» وقع على جمع أو جماعة ، والجمع والجماعة تقع على الرجال والنساء والحيوان ، والجماعة والمذكر والمؤنث ، فوقع على ذلك كله «أولاء» ، فاستوى المذكر المؤنث.
وأما «حذار» فإنه وقع موقع فعل الأمر ، وهو مسكن فاستحق مثل حال الذي وقع موقعه ، والتقى في آخره ساكنان فحرك بالكسر لعلتين :
ـ إحداهما : أن «حذار» مؤنثة ، والكسر من علم التأنيث.
ـ والثانية : أنه كسر على حد ما يوجبه التقاء الساكنين من الكسر.
وأما «بداد» فاجتمع فيها العدل والتأنيث والتعريف ، فزعم سيبويه أن الذي أوجب