نحن الفوارس يوم الحنو ضاحية |
|
جنبي فطيمة لا ميل ولا عزل (١) |
فنصب جنب على الظرف وفطيمة : اسم موضع ومعنى ضاحية بارزة ظاهرة. والأميل : الذي لا يثبت في الحرب. والأعزل : الذي لا رمح له.
وقال أبو عبيدة : هو الذي لا سلاح معه.
واعلم أن المصادر بمنزلة أسماء الأماكن المأخوذة من الفعل كقولك : هو قصدك ، ومشيت قصدك ، فتجري مجرى المذهب والمجلس.
وكذلك" حلّة الغور" بمنزلة" قصده" ، وهو مأخوذ من حل يحل ، ومنزلته بمنزلة المحل.
والمحل بمنزلة المذهب ، ألا ترى أنك تقول : قمت محل فلان ، وحللت محله.
قال : " سمعنا من العرب من يقول : دارك ذات اليمين ، قال الشاعر :
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه |
|
مولى المخافة خلفها وأمامها (٢) |
يعني أن ما جرى ذكره من الظروف قد يجوز أن يكون اسما بخبر عنها.
ومعنى البيت أنه يصف بقرة وحشية وضميرها في" غدت" ، أي : غدت هذه الوحشية تحسب أن كلا طريقيها فيه ما يريبها وتخاف منه. والطريقان : هما خلف وأمام. وكلا الفرجين : موضعه رفع بالابتداء ، وتحسب : خبره ، ومولى المخافة خبر" إن" ومعناه : صاحب المخافة. وخلفها وأمامها : بدل من كلا ، والفرج والثغر : موضع المخافة. وأراد بالفرجين هنا : طريقيها من خلفها وأمامها.
وذكر سيبويه في هذا الباب أن سواء لا تكون إلا ظرفا ، إلا أن يضطر شاعر فيجره لأنه بمعنى غير.
وإنما خص سواء الممدود دون المقصور ، لأن الإعراب يتبين فيه ، وهما سواء في الظروف ، وغيروهما بمنزلة غير ، وفيهما زيادة على غير ، فإذا قلت : زيد سواك أو سواءك ، أو مررت برجل سواك ، فمعناه أنه غيرك ويغني غناك ، ويكون بدلك ، وحقهما أن يستعملا ظرفين ، فمعناهما يتغير عن معناهما اسمين ، لأن سواء في معنى مستو ، وسواء الشيء : وسطه ، وهي في الظروف بمعنى غير ، وغير ليس بظرف وإنما جعل بمنزلة غير على الوجه الذي ذكرته من البدل والغناء على أنه ظرف ، فإذا خرج عن ذلك لم يستعمل اسما إلا في ضرورة على تأويل غير.
__________________
(١) ديوان الأعشى ٤٨ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٠٢ ، شرح النحاس ١٦٢ ، شرح ابن السيرافي ١ / ١٤٩ ، فرحة الأديب ٤١.
(٢) شرح المعلقات العشر ٧٨ ، جمهرة أشعار العرب ١٤٩ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٠٢ ، المقتضب (٣ / ١٠٢ ، ٤ / ٣٤١) ، شرح السيرافي ٣ / ٢١٦.