مقدار ما إذا امددت اليد إليه لم أنله ، وفاتني أخذه باليسر من المسافة بيننا.
قال : " وأما الخلف والأمام والتحت فتكون أسماء وكينونة تلك أسماء أكثر وأجرى في كلامهم.
يعني أن القصد والنحو والقبل والناحية أكثر في الأسماء من الخلف والأمام ، واعتبر كون مرأى ومسمع ظرفين لقول العرب : هو مني بمرأى ومسمع ، فلما أدخلوا الباء علم أنهم جعلوه غير الأول ، فإذا نزعوا الباء ، فهو غيره أيضا فينصبونه كما ينصبون الظرف الذي هو غير الاسم الأول.
وأنشد فيما كان الاسم الثاني فيه الأول :
* وأنت مكانك من وائل |
|
مكان القراد من است الجمل (١) |
فجعل مكان الثاني هو المكان الأول ، فكأنه قال : مكانك من وائل مثل مكان القراد كقوله :
له رأس رأس الحمار ومعناه : مثل رأس الحمار ، ولو نصب مكان على الظرف لجاز وكأنه قال : مكانك في مكان القراد من است الجمل.
قال : وتقول : أنت مني فرسخين.
أي : أنت مني ما دمنا نسير فرسخين ، فأنت : مبتدأ ومني خبره وفرسخين ظرف ، ومعنى مني : من أصحابي وأشياعي كما قال الله عزّ وجلّ : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) [إبراهيم : ٣٦].
فجعل : ويقال : الهلال الليلة.
فجعل الليلة ظرفا ، والهلال جثة لأنه جزء من القمر ، وإنما جاز ذلك لأن الهلال يتغير تغيرا دائما بصورة يتغير إليها ، فكأنه قال : استهلاله الليلة أو تصوره بهذه الصورة الليلة.
قال : واعلم أن ظروف الدهر أشد تمكنا في الأسماء إلى قوله : فأجر الأسماء كما أجروها.
قال المبرد : غلط سيبويه في هذا لأنه ذكر في أول الكتاب أن ظروف المكان أقرب إلى الأناسي ونحوهم ، لأن لها جثثا وأسماء تعرف بها كما تعرف الأناسي.
وصوب الزجاج سيبويه فقال : أصاب ، لأن ظروف الزمان يقل فيها ما لا يتمكن ، ألا ترى أن سحر إذا نكر تمكن؟.
وردّ أبي إسحاق على أبي العباس ضعيف ، لأن في ظروف الزمان : قبل وبعد ، وبعيدات
__________________
(١) ديوان الأخطل ٣٣٥ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٠٧ ، الشعر والشعراء ١ / ١٥١ ، شرح السيرافي ٣ / ٢٣٠ ، المؤتلف ٨٤ شرح ابن السيرافي ١ / ٣٧٨ ، فرحة الأديب ٨٩ ، الخزانة ١ / ٤٦٠ ، ٥٠٣.