قال : فهذا يكون على وجهين : على البدل وعلى الصفة.
قال الزيادي : لا تكون الكركرة والثفنات وصفا لأنها أسماء.
ولم يقصد سيبويه إلى الوصف الذي هو تحلية في الموصوف ، وإنما أراد أنها تبين لما قبلها كالوصف.
يصف جملا ومعنى خوى : تجافى في بروكه. على مستويات خمس : ثفناته وكركرته.
والثفنات : ما ولي الأرض من قوائمه. والكركرة : ما ولي الأرض من صدره.
وأنشد لكثير :
* وكنت كذي رجلين : رجل صحيحة |
|
ورجل رمى فيها الزّمان فشلت (١) |
والقول فيه من طريق الإعراب كالقول فيما تقدم.
قال : ومثله : ما مررت برجل صالح بل طالح.
أبدلت الصفة الآخرة من الصفة الأولى وأشركت بينهما بل في الإجراء على المنعوت ، ومثله : ما مررت برجل صالح ولكن طالح ، أبدلت الآخر من الأول فجرى مجراه.
واستعمل سيبويه في هذا الموضع لفظ البدل على غير ما يعتاده النحويون لأن البدل في كلامهم هو أن يقدر ما قبله مسقطا ، ويقام الثاني مقامه ، ونحن إذا قدرنا هذا في هذا الموضع لم يصلح الكلام ، لأنك لو قلت في كلامك : " ما مررت برجل كريم بل لئيم : ما مررت برجل لئيم ضم الكلمة المعنى.
فليس هذا المراد وإنما المراد أنك أبدلت الإيجاب من النفي على ما يصلح من اللفظ والمعنى فيصير التقدير : ما مررت برجل صالح ولكن مررت برجل طالح ، فالأول من الكلام مطرح غير معمول به ، والثاني هو المعتمد عليه فأبدل كلاما معتمدا عليه من كلام مطرح وهو معنى البدل.
وأنشد للعجاج مستشهدا لما حمل على الجواز :
* كأن نسج العنكبوت المرمل (٢)
فخفض المرمل على العنكبوت وهو في الحقيقة نعت للنسج ، والمرمل والمرمول : المنسوج.
__________________
(١) ديوان كثير ١ / ٤٦ ، المقتضب ٤ / ٢٩٠ ، شرح النحاس ١٦٨ ، شرح السيرافي ٣ / ٢٥٧ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٤٢ ، شرح المفصل (٣ / ٦٨ ، ٤ / ١٠٤) ، مغني اللبيب ٢ / ٦١٤ ، حاشية الصبان ٣ / ١٢٨ ، المقاصد النحوية ٤ / ٢٠٤.
(٢) ديوان العجاج ٤٧ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢١٧ ، شرح النحاس ١٦٨ ، شرح السيرافي ١ / ٤٩٠ ، الخصائص ٣ / ٢٢١ الإنصاف ٢ / ٦٠٥ ، الخزانة (٥ / ٨٦ ، ٨٨).