والأتان ، فهذا حقيقي ، لأنه يخلق فيه خاصة تبين بها من الذكر ، فهذا الضرب إذا تقدم فعله ، فكان ماضيا زدت في آخره تاء ساكنة لعلامة التأنيث ، وإن كان مستقبلا جعلت حرف المضارعة تاء في أوله.
* وأما التأنيث غير الحقيقي : فهو ما كان تأنيثه وتذكيره واقعين على ما لا خلقة فيه فاصلة بين الذكر والأنثى كنحو : دار وأذن وفخذ وما أشبه ذلك. فإذا تقدم الفعل في هذا الضرب ، فالأصل الذي رتب اللفظ له إثبات علامة التأنيث ، وحذفها جائز ، وإذا تقدم المؤنث الذي تأنيثه غير حقيقي ثم أتي بفعله وأضمر ، لم يحسن إسقاط علامة التأنيث كإسقاطها إذا تقدم الفعل ، وذلك قولك : دارك بنيت ، وعينك كحلت ولو حذفت التاء لم يحسن كحسنه في التقدم ، لأنك إذا قدمت الفعل فصلت الفاعل من الفعل ، وظهر لفظه الموضوع للتأنيث فاكتفي به وأغنى عن العلامة ، فإذا تقدم الاسم صار الفعل لضميره ، وهو مختلط بالفعل ، وليس في لفظه دلالة على التأنيث فكرهوا إسقاط العلامة مع ذهاب اللفظ الموضوع للتأنيث. وبعض العرب يجعل في الفعل علامة التثنية والجمع كما جعل فيه علامة التأنيث وهي لغة قليلة.
قال الفرزدق :
* ولكن ديافيّ أبوه وأمه |
|
بحوّر ان يعصرن السّليط أقاربه (١) |
فرفع أقاربه بيعصرن ، وجمع الضمير في الفعل المقدم.
والديافي : منسوب إلى دياف : قرية بالشام يصنع فيها الزيت. والسليط : الزيت.
واعلم أن الاسم الفاعل الجاري على الفعل ، يعمل في الاسم كعمل الفعل ، فإذا تقدم على ما يرفعه ، كان الاختيار توحيده. من ثنى الفعل إذا تقدم وجمعه ، فعل ذلك باسم الفاعل ، وإذا ألزمت الفعل علامة التأنيث ، فهي لازمة لاسم الفاعل الذي يعمل عمله ، وإذا تأخر اسم الفاعل وقد أعمل عمل الفعل ، فالاختيار أن يجمع جمع السلامة ، وذلك أن الفعل هو الفاعل في الأمر ، وهو أبدا موحد ، ويتصل به ضمير الفاعلين فيصير في لفظ شيء مجموع جمع السلامة ، فحمل اسم الفاعل عليه حين أعمل عمله.
قال : " وكذلك أقرشيّ قومك"؟
فأجراه مجرى اسم الفاعل ، كأنه قال : أمتقرش قومك؟ في معنى : أيتقرش قومك؟ كما يقال : تنزّر الرجل ، وتقيّس ، بمعنى : انتسب إلى نزار وقيس ، فلهذا وحد قرشي ، وقومك جمع.
وذكر سيبويه عن العرب حذف علامة التأنيث من الحيوان مع قلة
__________________
(١) ديوان الفرزدق ١ / ٥٠ ، الكتاب ، وشرح الأعلم ١ / ٢٣٦ ، شرح النحاس ١٧٣ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٢٢ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٤٩١ ، الخصائص ٢ / ١٩٤ ، شرح المفصل ٣ / ٨٩.