لأصحابه ، وليس بحقيقة الإيحاء ، فهذا طريق واضح واحتجاج صحيح.
قال : واعلم أنك إذا نصبت في هذا الباب فقلت : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا إلى قوله : لأنه ليس يرفعه الابتداء ، وفي الظروف إذا قلت : فيها أخواك قائمان يرفعه الابتداء.
في هذا الفصل من كلام سيبويه ما يختلف في معناه ، والصحيح أراد إلغاء الظرف ورفع ما بعده على الابتداء والخبر لا يجوز في هذا الموضع ، كما يجوز في المبتدأ الذي ليس قبله شيء كقولك مبتدئا : معك زيد قائم ، فتلغي الظرف وتعلمه. ولا يجوز الإلغاء إذا اتصل الظرف بما يكون نعتا له أو خبرا أو حالا إذا كان مع الظرف الضمير العائد إلى الأول ، وذلك قولك في نعت المجرور : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا وهذا معنى قوله : فإذا صار الاسم مجرورا أو عاملا فيه فعل أو مبتدأ لم تلغه وإلغاؤه أنك لو حذفت معه ، لم يعد إلى المنعوت من شيء ، ولا إلى المبتدأ شيء من خبره ، لأن قولك : معه صقر جملة فإذا كانت في موضع نعت أو خبر أو حال لم يكن بد من عائد يعود إليه ، والعائد هو الهاء في معه. وإذا كان الكلام مبتدأ ليس قبله شيء ، فليس يمنع من إسقاط الظروف مانع كقولك : فيها عبد الله قائم غدا ، وفيها أخواك قائمان وظن بعض النحويين أن سيبويه يرفع الاسم بالظرف لا بالابتداء ، فيكون صقر مرفوعا معه ، وتأول قوله : " لأنه ليس يرفعه الابتداء".
والذي علم من سيبويه في هذا الموضع ، إن الظرف لا يرفع ما بعده ، ومعنى قوله : لأنه ليس يرفعه الابتداء.
الهاء في لأنه ترجع إلى أول الكلام ، وإنما يريد : لأن الهاء المجرورة في معه ، ولم يرد الصقر ، فاعرف ذلك.
واعلم أنّه لا يجوز : يا ذا الجارية الواطئها زيد ، بنصب الواطئها لأنه صفة للجارية والضمير يعود إليها. فإن قلت : الواطئها أبوه ، جاز النصب في الخفض للضمير العائد في أبوه إلى المنادى ، وإذا قلت : يا ذا الجارية الواطئها ، نصبت صفة المنادى ، والتقدير : الذي وطئها ، فإن جعلت الواطئها بمعنى التي وطئها ، خفضتها وأظهرت ضمير الفاعل فقلت الواطئها هو ، لأن اسم الفاعل جرى صلة للألف واللام ، وليس بفعل لها ، فلم يتضمن الضمير.
قال : أما مررت برجل وأخيه منطلقين ، ففيها قبح حتى تقول : وأخ له.
ومثل ذلك قول الشاعر :
* أي فتى هيجاء أنت وجارها |
|
إذا ما رجال بالرجال استقلت (١) |
فعطف قوله : وجارها على فتى ومعناه : أي فتى هيجاء أنت؟ وأي جار هيجاء أنت؟
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٤٤ ، شرح النحاس ١٧٧ ، شرح السيرافي ٤ / ٣٢٠ المسائل البغداديات ٤٢٦ شرح عيون الكتاب ١٣٦.