وقوله : أبدى النواجذ ، كناية عن شدته وهوله وقوله الخائض الغمر : أي يحمل نفسه على الشدائد والغمر : الماء الكثير فضربه مثلا ، ويجوز أن يكون الغمر جمع غمرة وهي الشدة وقوله : والميمون طائره : كناية عن بركته ويمنه وإنه لا يتشاءم به.
وذكر سيبويه أن الذم يجري مجرى المدح.
وأنشد لابن خياط العكلي.
* وكل قوم أطاعوا أمر مرشدهم |
|
إلا نميرا أطاعت أمر غاويها |
الظاعنين ولما يظعنوا أحدا |
|
والقائلون لمن دار نخليها (١) |
فنصب الظاعنين ، ورفع القائلون ، ولو نصبها جميعا أو رفعها لجاز ومعنى قوله : الظاعنين ولم يظعنوا أحدا : أي هم أهل غدر فإذا أحسوا بمكروه ، رحلوا عن موضعهم ولم يعلموا جارهم بذلك حتى يصيبه المكروه وهو كقول امرئ القيس :
ولا آذنوا جارا فيظعن سالما
وفيه معنى آخر وهو أن يصفهم بالقلة والذل ، فيظعنون لذلك من موضع ، ولا يظعنون أحدا ، لأنه لا كثرة عندهم ولا عزة فيظعن أعداؤهم خوفا منهم.
وأنشد :
* لقد حملت قيس بن عيلان حربها |
|
على مستقل للنوائب والحرب |
أخاها إذا كان غضابا سمالها |
|
على كل حال من ذلول ومن صعب (٢) |
الشاهد نصب أخاها وهو المستقل المجرور.
وأنشد قول الراجز :
* بأعين منها مليحات النّقب |
|
شكل التّجار وحلال المكتسب (٣) |
أي : ليس فيهن تبرج وتكشف ، ولكن خفر وحياء وتستر ، وذلك حلال المكتسب.
وأنشد لمالك بن خويلد الخناعي :
* ياميّ لا يعجز الأيام ذو حيد |
|
في حومة الموت رزام وفراس |
يحمي الصريمة أحدان الرجال له |
|
صيد ومجترئ بالليل هماس (٤) |
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٤٩ ، شرح النحاس ١٧٨ ، ١٧٩ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٧٦ ، شرح ابن السيرافي وبه القائلين ، الإنصاف ٢ / ٤٧٠ ، الخزانة ٥ / ٤٢ ، اللسان طعن ١٣ / ٢٧٠.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٥٠ ، شرح النحاس ١٧٩ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٧٧ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٣٥٣.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٥٠ ، شرح النحاس ١٨١ ، شرح السيرافي ٢ / ٣٧٩ ، اللسان نقب ١ / ٧٣٨.
(٤) ديوان الهذليين ٣ / ٣ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٥١ ، المقتضب ٢ / ٢٣٤ ، شرح النحاس ١٨١ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٧٩ ، شرح المسائل البغداديات ٥١٥ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٤٩٨ ، الجنى الداني ٩٨.