هذا الشعر لأبي ذؤيب ، ووقع في البيت الأول من هذين غلط في كتاب سيبويه ، لأن قوله : ذو حيد ، ورزام وفراس : أسد والصواب الذي حملته الرواة :
* يامي لا يعجز الأيام ذو حيد |
|
بمشمخر به الظيان والآس (١) |
والظيان : ياسمين البر. والمشمخر : الشامخ وروى المبرد : ذو حيد بفتح الحاء والياء وجعله مصدرا بمنزلة : الأود والعوج ورواه ثعلب والسكري بكسر الحاء ، كأنه جمع حيدة مثل حيضة وحيض ، ويجوز أن يكون جمع حيد على الشذوذ.
وبعد هذا البيت بأبيات من القصيدة :
يا مي لا يعجز الأيام مبترك |
|
في حومة الموت رزام وفراس (٢) |
يحمي الصريمة البيت وحومة الموت : شدته. ورزام : أخذ يصف أسدا ويقال رزم به إذا صرعه. والصريمة : القطيعة من الرمل. فراس : دقاق الظهور ومكسر لها.
قال : ومما حمل على الابتداء قوله :
* فتى الناس لا يخفى عليهم مكانه |
|
وضرغامة إن هم بالأمر أوقعا (٣) |
التقدير : وهو ضرغامة والضرغامة : الأسد.
وقال الآخر :
* إذا لقي الأعداء كان خلاتهم |
|
وكلب على الأدنين والجار نابح (٤) |
التقدير : هو كلب والمعنى أنه لين لأعدائه كالخلاة ، وهي : ما رطب من الحشيش وهو كلب على من قرب منه وجاوره.
واعلم أن التعظيم يحتاج إلى اجتماع معنيين في المعظم : أحدهما : أن يكون المعنى الذي عظم به صفة مدح ، وثناء ، ورفعه والآخر : أن يكون المعظم قد عرفه المخاطب وشهر عنده بما عظم به ، أو يتكلم المتكلم بصفة ينفرد به المخبر عنه عند المخاطب ، ويعرفه بها ، ثم يأتي بعد بصفات يعظمه بها ، كقولك : مررت بعبد الكريم الفاضل ، فتنصب الفاضل على التعظيم ، لأنك لما قدمت الكريم ، صار كأنه قد عرف وشهر ـ فتدبر ذلك إن شاء الله.
هذا باب ما يجري من الشتم مجرى التعظيم
وذلك قولك : أتاني زيد الفاسق الخبيث.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ١٤٤ ، المقتضب ٢ / ٣٢٣ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٨٠ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٤٩٩ ، شرح ملحة الإعراب ٩٥.
(٢) شرح ابن السيرافي ١ / ٤٩٩ ، الخزانة ٥ / ١٧٦ ، ٥ / ١٧٦ ، ١٧٨ ، اللسان ، (فرس) ٦ / ١٣٦.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٥١ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٨١ ، اللسان (ضرغم) ١٢ / ٣٥٧.
(٤) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٥١ ، شرح النحاس ١٨٢ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٨١.