أثقل منها.
وإنما كسروا الباء من قبل أن الحروف التي ذكرناها غير عاملة عملا تختص به ، ولا تكون في غيره ، والباء مختصة بالجر ، فلا تكون إلا فيه ، فألزموها الكسر لمشاكله موضعها من الجر.
فإن قلت : لم كسروا لام الإضافة ، وهي قد تكون في غير الجر؟
فإنما فعل ذلك للفرق بينها وبين لام التأكيد في الموضع الذي يلتبسان فيه ، وهو مع الاسم الظاهر ، فإذا وقعت على المضمر رجعت إلى أصلها.
قوله : «والضم فيها قولهم : منذ».
اعلم أن «منذ» و «مذ» في معنى واحد ، وهما يكونان اسمين وحرفين إلا أن الغالب على «منذ» أن تكون حرفا وعلى «مذ» أن تكون اسما.
فإذا كانتا اسمين ارتفع ما بعدهما ، وإذا كانتا حرفين انخفض. فإذا قلت : ما رأيته مذ يوم الجمعة ، فمعناه : انقطاع رؤيتي له : ابتداؤه يوم الجمعة ، وانتهاؤه الساعة ، فتضمنتا معنى الابتداء والانتهاء.
وإذا قلت : ما رأيته مذ اليوم ، أو منذ اليوم ، فليس فيه معنى ابتداء الغاية ولا انقطاعها ، وهما في معنى «في» فانخفض ما بعدهما.
فإن قلت : لم ضمت منذ؟
فالجواب : أنه كان حقها السكون ، فالتقى فيها ساكنان فضمت الذال اتباعا للميم ؛ لأن ما بينهما حرف ساكن خفي ، فلو بنوها على الكسر لخرجوا من ضمة إلى كسرة وذلك قليل في كلامهم.
فصل
قال سيبويه : «اعلم أنك إذا ثنيت الواحد لحقته زيادتان» إلى قوله : «فكان هذا أغلب وأقوى».
اعلم أن العرب إذا ثنت اسما باسم ، زادوا على أحد الاسمين زيادة تدل على التثنية ، وكان ذلك أخصر من أن يعطفوا أحدهما على الآخر ، كقولك : زيد وزيد وجعلوا العلامة الدالة على ذلك حروفا ، إذ كانت الحركات قد استوعبها الواحد ، وجعلوا تلك الحروف هي المأخوذة منها الحركات ، وهي حروف المد واللين ، فكان حكم الواو أن تكون في تثنية المرفوع ، وحكم الياء أن تكون في تثنية المخفوض ، وحكم الألف أن تكون في تثنية المنصوب.
وكذلك الجمع الذي على حد التثنية ، غير أنه لا بد من فصل بين التثنية والجمع ، فلم