المخبر يحقق ما خبر به ، فإذا قال : معروفا ، فكأنه قال : لا شك فيه ، والعامل فيه أحق وما أشبهه ، والجملة دالة عليه. ولم يجز أن تقول : هو زيد منطلقا لأنه لو صح له انطلاق ، لم تكن فيه دلالة على صدقه في ما قاله كما أوجب قوله معروفا.
قال : ولو أن رجلا من إخوانك ومعرفتك ، أراد أن يخبرك عن نفسه ، أو عن غيره بأمر فقال : أنا عبد الله منطلقا ، وهو زيد منطلقا كان محالا.
ثم بين فساده ، وقال بعد ذلك : " ألا أن رجلا لو كان خلف حائط أو في موضع تجهله فيه ، من أنت؟ فقال : أنا زيد منطلقا في حاجتك كان حسنا".
وإنما استحسنه سيبويه في هذا الموضع لأنه كان عهده منطلقا في حاجته من قبل أن يقول له : من أنت؟ فصار لما عهده بمنزلة شيء ثبت له في نفسه ، كشجاع وبطل فنصبه كنصب عبد الله هو شجاعا بطلا.
هذا باب ما غلبت فيه المعرفة النكرة
وذلك في قولك : هذان رجلان وعبد الله منطلقين.
نصب منطلقين على الحال ، والعامل فيها التثنية ـ وجميع هذا الباب مفهوم ، وقد مضى تفسيره.
هذا باب ما يجوز فيه الرفع مما ينتصب
في المعرفة
أنشد سيبويه في هذا الباب مستشهدا لرفع الخبرين بقول الراجز.
* من يك ذا بت فهذا بتي (١)
فرفع مقيظ وما بعده على أنه خبر بعد خبر والبت : الكساء
قال : " وأما قول الأخطل
* ولقد أبيت من الفتاة بمنزل |
|
فأبيت لا حرج ولا محروم (٢) |
فزعم الخليل أن هذا ليس على إضمار أنا"
إنما فر الخليل من إضمار" أنا" ـ وإن كانت قد تضمر في غير هذا الموضع
ـ لأنه يلزمه أن يقول : كنت لا خارج ولا ذاهب وجئت لا مسرع ولا عجل ، وهذا
__________________
(١) ملحقات ديوانه ١٨٩ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٥٨ ، معاني القرآن ١٧٣ ، شرح النحاس ١٨٧ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٣٣ ، الإنصاف ٢ / ٧٢٥ ، شرح المفصل ١ / ٩٩ ، شرح ابن عقيل ١ / ٢٥٧ ، الهمع ١ / ١٠٨ ، حاشية الصبان ١ / ٢٢٢ ، المقاصد النحوية ١ / ٥٦١.
(٢) ديوان الأخطل ٨٤ ، معاني القرآن ٣ / ١٢٦ ، شرح النحاس ١٨٨ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٠٣ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥١٠ ، الإنصاف ٢ / ٧١٠ ، شرح المفصل (١٤٦ / ٣ ، ٧ / ٨٧) ، الخزانة ، ٢ / ١٣٩.