فالعام : نعت لذا وسابع : خبر ، وآيات : علامات ، توهمت : تفرست ، يصف دارا خلت من أهلها فتغيرت بعدهم ، فلم يعرفها إلا بآيات دلته عليها.
وقوله في هذا الباب" لأن المبتدأ يعمل في ما بعده".
يعني أنه يرفع الخبر ، وفي الخبر قولان :
أحدهما : أن المبتدأ يرفعه ، والآخر : أن الابتداء يرفع المبتدأ والمبتدأ والابتداء يرفعان الخبر.
والظاهر من كلامه ـ في هذا الموضع ـ أن المبتدأ هو العامل ، وقد يجوز أن يريد بالمبتدأ أنه إذا كان إشارة ، عمل في ما بعده نحو : هذا وما جرى مجراه وإنما أراد أن يريك حالين في" منطلق" من المبتدأ ومن الفعل ، تقول : هذا منطلق ، فترفعه على الخبر ، ثم تقول : هذا زيد منطلقا فيصير حلا ، كما تقول ذهب منطلق فترفعه بالفعل ، ثم تقول : ذهب زيد منطلقا فتنصبه على الحال ، لأن" زيدا" قد حال بينه وبين الفعل ، فصار حالا قد ثبت فيها ، وصار فيها ، كما أن الظرف موضع قد صير فيه بالنية ، وإن لم تذكر فعلا ، فإذا قلت : فيها زيد ، فكأنك قلت : استقر فيها زيد ، وهنا أفصح سيبويه بنصب الظرف باستقر ، ثم شبه نصب الظرف بنصب عشرين لما بعده من اسم النوع المميز.
هذا باب ما ينتصب لأنه خبر لمعروف
يرتفع على الابتداء ، قدمته أو أخرته
وذلك قولك : فيها عبد الله قائم وقائما
النصب على الحال وإعمال الظرف ، والرفع على الخبر وإلغاء الظرف.
وأنشد النابغة :
* فبت كأنّي ساورتني ضئيلة |
|
من الرقش في أنيابها السم ناقع (١) |
فناقع : خبر" السم" ، وفيه لغو. ولو كان في غير الشعر لجاز ناقعا على الحال. الضئيلة : حية دقيقة قليلة اللحم يقل دمها ويشتد سمها ، وإنما ذلك من الكبر ، وطول مرور الدهر عليها.
والرقش : المنقطة بسواد ، والناقع : الثابت ، ومعنى ساورتني : وثبت على يعتذر إلى النعمان ، ويصف أنه يبيت فزعا.
وأنشد سيبويه للهذلي ، وهو المتنخل :
__________________
(١) ديوان النابغة ٥١ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٦١ ، الكامل ٣ / ١٣٠ ، شرح النحاس ١٩١ ، شرح السيرافي ٣ / ٤١٠ ، شرح شواهده (٢ / ٩٠٢ ، ٨١٩) ، حاشية الصبان ٣ / ٦٠ ، المقاصد النحوية ٤ / ٧٣.