وقد علم أن المسمى من الناس بشيء من هذا ، لا يرد به أنه نهر ، ولا أنه بقلة ، وإنما وضعوه على الشخص ليميز عن سائر الأشخاص ، فهذا تعريف الاسم العلم الذي لا يحتاج إلى الألف واللام ولا الإضافة. وهذه الأسماء إذا اشترك فيها المسمون ، لم يكن بينهم اتفاق يجب به اشتراكهم كاشتراك الشخوص الذين هم كلهم رجال في تسمية كل واحد منهم بالرجل ، وكذلك سائر ما فيه الألف واللام ، وربما غلب على اسم من هذا الصنف بعض المسمين به حتى يصير له العلم الذي يعرف إذا ذكر مطلقا ولا يعرف به غيره إلا بعهد يتقدم.
فمن ذلك الصعق ، وهو رجل من بني كلاب ، وهو خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب ذكروا أنه كان يطعم الناس بتهامة فهبت ريح فسفت في جفانه التراب ، فشتمها فرمي بصاعقة فقتلته ، فقال فيه بعض بني كلاب :
وإن خويلدا فأبكى عليه |
|
قتيل الريح في البلد التهامي (١) |
فعرف خويلد بالصعق ، وغلب عليه حتى إذا ذكر لم يذهب الوهم إلى غيره إلا ببيان ، وكان أشهر ولده وأجمعهم للفضل يزيد بن عمرو بن الصعق ، وليس كل من كان ابنا للصعق عرف بابن الصعق كمعرفة يزيد.
ومثله في الإسلام من شهر بالنسب إلى أبيه دون إخوته ابن عمر بن الخطاب ، وهو عبد الله ، دون غيره من ولد عمر ، وابن الزبير ، وهو عبد الله ، وكذلك ابن عباس ، وهو عبد الله أيضا دون غيره ، فإذا ذكر هؤلاء ، لم يذهب الوهم إلى غيرهم من هؤلاء الثلاثة.
وكذلك إذا قيل : ابن رألان ، علم أنه جابر بن رألان الطائي ، ولا يذهب الوهم إلى آخر لرألان ، وكذلك ابن كراع ، يراد به سويد بن كراع العكلي.
ومن ذلك قولهم للثريا : النجم فإذا ذكر من غير عهد ، لم يذهب الوهم إلى غير الثريا ، وكذلك الثريا : تجري هذا المجرى لأن الأصل فيها ثرواء ، ومعناها : كثيرة من الثروة وهي الكثرة ، لأن كواكبها سبعة أو نحوها فصغرت وجعلت الألف واللام علما.
فأما الحارث والحسن والعباس ، فمذهب العرب في هذه الأسماء وما جرى مجراها ، أن يجعلوها لأولادهم وسائر من يسمونه بها تفاؤلا وترجيا أن يكونوا كذلك ، فالحارث معناه الكاسب الذي يحرث لدنياه ، والعباس الذي يعبس في الحرب لتجربته ومعرفته بشدتها ، فسموا بنحو هذا لأنهم أعدوا له كما يقال الأضحية والذبيحة لما أعد لذلك.
وقوله : تنزع الألف واللام من هذا النحو ، ويجري مجرى زيد ونظائره ، فيقال : حارث وعباس.
__________________
(١) شرح السيرافي ٣ / ٤٣٤ وبه (إن خويلدا) وهامش الكتاب ١ / ٥٦٧ ، شرح المفصل ١ / ٤١ اللسان (صعق) ١٠ / ١٩٩.