وقد يشبهون الشيء بالشيء فيوقعون عليه اسمه معرفا بالألف واللام فيغلب عليه كقولهم : النسران : للكوكبين تشبيها لهما بالطائرين.
والفرقدان : تشبيها لهما بفرقدي بقرة وحشية لبياضها. وقد يشتقون لبعضها أسماء من معان فيها غير مطردة أسماؤه فيما شاركه من المعاني كالدبران والعيوق والسماك فالدبران : مشتق من دبر يدبر ، وهم يذكرون أنه يتبع الثريا ويطلبها خاطبا لها ، وليس لكل شيء دبر شيئا يقال له دبران ، إلا أن في كلامهم فعلانا في موضع الفعل كقولهم العدوان للعادي ، والصلتان للنشيط الشديد.
والعيوق مشتق من عاق يعوق ، كأنه عاق كواكب وراءه من المجاوزة ، لأنهم يقولون : الدبران يطلب الثريا ويخطبها ، وقد ساق مهرها كواكب صغار معه ، والعيوق بينهما ، فكأنه يعوقه عنها ، وهو على وزن فيعول مثل قيوم وما أشبهه.
وأما السماك : فهو الارتفاع ، ويقال : سمك بمعنى : ارتفع. وسمكه ، أي رفعه ، وهو في معنى سامك ، كما يقال : رجل نقاب أي ناقب عن غوامض العلم فطن بها.
وقد بين سيبويه أن هذه الأشياء لا يقاس عليها ، وإن كل من كان في معناها لا يسمى في أسمائها ثم قال : وكل شيء قد لزمه الألف واللام فهو بهذه المنزلة ، فإن كان عربيّا نعرفه ولا نعرف الذي اشتق منه ، فذلك لأنا جهلنا ما علم غيرنا ، أو يكون الآخر لم يصل إليه علم وصل إلى الأول المسمى.
يريد أن المعنى الذي اشتق منه : إما أن يكون نحن لا نعرفه ويعرفه غيرنا من أهل عصرنا وإما أن يكون علم ذلك قد درس ولم يقع إلى أهل عصرنا.
قال : " ومما جرى مجرى الأول : الثلاثاء والأربعاء"
هما مشتقان من الثالث والرابع ، واختص بهذا الاشتقاق اليومان فقط كما اختص بالعيوق الكواكب وهي كلها معارف.
هذا باب ما يكون الاسم فيه بمنزلة الذي في المعرفة
والاحتياج إلى الحشو ، يكون نكرة بمنزلة رجل وذلك قولك : هذا من أعرف منطلقا ، وهذا من لا أعرف منطلقا.
هذا الباب إلى آخره في : " من" و" ما" في الخبر ويكونان معرفتين ونكرتين. أنشد سيبويه في النكرة :
* فكفى بنا فضلا على من غيرنا |
|
حب النبي محمد إيانا (١) |
__________________
(١) ديوان كعب ٢٦٩ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٦٩ ، مجالس ثعلب ١ / ٢٧٣ ، إعراب القرآن ٢ / ٥٢٩ ، ٣ / ٨٢٨ ، شرح النحاس ١٩٥ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٤٦ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٣٥ ، شرح المفصل ـ ـ