هذا أخوك عبد الله لأنه قد يكون عبد الله عطف البيان ، يجري مما قبله مجرى النعت ، والحال والنعت كأنهما جنس واحد ، فألزمهم نصب عبد الله على الحال ، وهذا لا يجوز أصلا.
هذا باب ما ينتصب خبره لأنه معرفة
وهي معرفة لا توصف ولا تكون وصفا
وذلك قولك : مررت بكل قائما ... وببعض جالسا.
اعلم أن هذا وما أشبهه لا يتكلم به مبتدأ وإنما يتكلم به إذا جرى ذكر قوم ، فيقول : مررت بكل وببعض ، أي : بكلهم وببعضهم ، فتستغني بما جرى من الكلام ، ومعرفة المخاطب بما يغني عن إظهار الضمير ، وصار ما عرفه المخاطب مما يغني به مغنيا عن وصفه ولم يوصف به أيضا ، لأنهم لما أقاموه مقام الضمير ، والضمير لا يوصف به إذ لم يكن تحلية ولا فيه معنى تحلية فلم يصفوا به ، لا يقال : مررت بالزيدين كل ، كما لا يقال : مررت بكل الصالحين.
وجعل سيبويه هذا الحذف شاذّا وشبهه بغيره من المحذوفات ومن حمله ما ذكر قولهم : لاه أبوك يريدون لله أبوك فحذفوا منه لامين وقد كانوا حذفوا منه ألف الوصل ، واللامان المحذوفتان عند سيبويه لام الجر واللام التي بعدها.
وقال المبرد : لام الجر هذه اللام المبقاة ، لأنها دخلت لمعنى فلا تحذف وفتحت لأنها مفتوحة في الأصل.
والصواب قول سيبويه ، لأن حروف الجر قد حذفت في مواضع كثيرة.
وجملة القول : أن قول سيبويه أولى لأنه إذا حذف من الكلمة ما قاله ، فالباقي منها هو اللفظ الموجود من غير تغير.
وعلى قول المبرد تبقى اللام المكسورة وتغير ، وليس على التغيير دليل يجب التسليم له.
قال سيبويه : وتقول ما فيهم يفضلك أي : ما فيهم أحد يفضلك.
ونظيره قول الراجز :
* لو قلت ما في قومها لم تيثم |
|
يفضلها في حسب وميسم (١) |
والتقدير : لو قلت ما في قومها أحد يفضلها لم تيثم.
واعلم أن الأغلب في" كلهم" أن يجري مجرى أجمعين لأنها تعم كعموم أجمعين. وقد
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٧٥ ، شرح النحاس ٢٥٣ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٥٨ ، شرح الرماني (٤٣٣ ، ٤٣٧) ، الخصائص ٢ / ٣٧٠ ، شرح المفصل ٣ / ٥٩ ، الهمع ٢ / ١٢٠ ، حاشية الصبان ٣ / ٧٠ ، الخزانة ٥ / ٦٢ ، المقاصد النحوية ٤ / ٧١.