محضا وقلبا مجرى عدل ، وأنت تقول : هذا رجل عدل بمعنى عادل ، وكذلك محض في معنى ماحض ؛ لأنه يقال : محض يمحض وأمحضته أنا ، ومعناه خالص ، ولم يستعمل الفعل من قلب كاستعماله من محض.
قال المبرد : معناه قد تقلب في العرب : أي دار في أنسابها.
وقال غيره : يجوز أن يكون أخذ من قلب كأنه فتش ونقي من العيب وأما (عربي قح) فلم يستعمل إلا صفة ، لأنه اسم ليس بمصدر وليس له فعل يتصرف.
هذا باب ما ينتصب لأنه قبيح أن يوصف
بها بعده أو يبنى على ما قبله
وذلك قولك : هذا قائما رجل وهو قائما رجل وفيها قائما رجل.
قال ذو الرمة :
* وتحت العوالي في القنا مستظلة |
|
ظباء أعارتها العيون الجآذر (١) |
فنصب مستظلة على الحال من الظباء ، وكان وجه الكلام :
ظباء مستظلة على النعت. والنصب على الحال جائز ، فلما تقدم صارت الحال لازمة ، لأنها قد تقدم على صاحبها ، ولا يقدم النعت على المنعوت يصف السبي تحت العوالي ، وهي صدور الرماح ، والقنا : الرماح ، أي : أنهم إذا حاربوا سبوا ، وشبه السبي بالظباء لطول الأعناق ، وجعل عيونهن ، كعيون الجآذر ، وهي أولاد البقر.
وأنشد أيضا :
* وبالجسم مني بينا لو علمته |
|
شحوب وإن تستشهدي العين تشهد (٢) |
فنصب بينا على الحال من شحوب ، والشحوب : التغير.
وأنشد أيضا :
* لمية موحشا طلل |
|
يلوح كأنه خلل (٣) |
فنصب موحشا على الحال من طلل ، ومعنى يلوح : يتبين ويظهر ووقع في النسخ وهو قائما رجل ، وهو سهو لم يتفقد ، ونصبه إن صح من متناول بعيد ، كأن قائلا قال : على أي
__________________
(١) ديوانه ٢٥٤ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٧٦ ، شرح النحاس ١٩٦ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٦٦ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٠٢ ، شرح عيون الكتاب ٥٥ ، شرح المفصل ٢ / ٦٤.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٧٦ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٦٧ ، حاشية الصبان ٢ / ٧٥ ، المقاصد النحوية ٣ / ١٤٧.
(٣) ديوان كثير ٥٠٦ ، الكتاب ١ / ٢٧٦ ، مجالس العلماء ١٣١ ، ١٣٢ ، شرح السيرافي ٣ / ٢٦٧ ، الخصائص ٢ / ٤٩٢ ، شرح المفصل ٢ / ٦٢ ، حاشية الصبان ٢ / ١٧٤.