ورواية الأخفش : كأن ثدييه ، يعملها عمل المشددة والمعنى : كأن ثديي صاحب الوجه ، أو صاحب النحر. والنحر : الصدر.
وأنشد للفرزدق :
* فلو كنت صبيّا عرفت قرابتي |
|
ولكن زنجي عظيم المشافر (١) |
قال : " والنصب أكثر في كلام العرب"
فمن نصب ، حذف الخبر ، والمعنى ، ولكن زنجيّا لا يعرف قرابتي.
ومن رفع حذف الاسم ، ويكون تقديره ولكنك زنجي ، وإنما صار النصب أكثر وأولى لأن إظهار ما هو الأصل المبني عليه أولى إذا حذفت المحذوف ، ومثله في الحذف قوله :
* فما كنت ضفّاطا ولكن طالبا |
|
أناخ قليلا فوق ظهر سبيل (٢) |
أي : ولكن طالبا منيخا" أنا" فحذف الخبر وهو" أنا" ، ولو رفع" طالبا" على قوله : " ولكن زنجي" ، لجاز ، والضفاط : الذي تقضي حاجته من خوفه ، ويقال أيضا : الضفاط الذي يكري الحمير من قرية إلى قرية ، ويقال للحمير ضافطة ، والضافط أيضا : الذي يحمل طعامه إلى مكان فيبيعه.
قال : وأما قول الأعشى :
* في فتية كسيوف الهند قد علموا |
|
أن هالك كل من يحفى وينتعل |
فإن هذا على إضمار الهاء ، ولم يحذفوا لأن يكون الحذف يدخله في حروف الابتداء بمنزلة إن ولكن ، ولكنهم حذفوا كما حذفوا الإضمار وجعلوا الحذف علما لحذف الإضمار في إن ، كما فعلوا ذلك في كأن"
اعلم أن" أن" المفتوحة المشددة إذا خففت ووليها ما يقوم بنفسه من مبتدأ وخبر ، وفعل وفاعل فإن اسمها محذوف.
" وجعلوا حذفها علما لحذف الإضمار كما فعلوا ذلك في كأن"
__________________
ـ ١٤٧ ، الإنصاف ١ / ١٩٧ ، الجنى الداني ٥٧٥ ، شرح المفصل ٨ / ٨٢ شرح ابن عقيل ١ / ٣٤٦ ، الهمع ١ / ١٤٣ ، حاشية الصبان ١ / ٢٩٣ ، الخزانة ١٠ / ٣٩٨ ، المقاصد النحوية ٢ / ٣٠٥.
(١) ديوان الفرزدق ٢ / ٤٨٥ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٨٢ ، مجالس ثعلب ١ / ١٠٥ ، شرح النحاس ١٩٩ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٩١ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٩٨ ، المنصف ٣ / ١٢٩ ، شرح عيون الكتاب ١٤٧ ، الإنصاف ١ / ١٨٢ ، الجني الداني ٥٩٠ ، شرح المفصل ٨ / ٨١ ، مغني اللبيب ١ / ٣٨٤ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٧٠١ ، الهمع ١ / ١٣٦ ، الخزانة ١٠ / ٤٤٤ اللسان (شفر) ٤ / ٤١٩.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٨٢ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٩١ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٩٨ ، فرحة الأديب ١٣٠ ، ١٣٢.