قال : ومما ينتصب على المدح والتعظيم ، قول الفرزدق :
* ولكنني استبقيت أعراض مازن |
|
وأيامها من مستنير ومظلم |
أناسا بثغر لا تزال رماحهم |
|
شوارع من غير العشيرة في الدم (١) |
كأنه قال أعظم أناسا ، وذكر أناسا ـ والشوارع : الواردة.
والمعنى : أنهم ينالون من العدو ، ويخصونه بالمكروه ويحفظون العشيرة ويحمونها.
وأنشد أيضا في التعظيم ، لعمرو بن شأس الأسدي :
* ولم أر ليلى بعد يوم تعرضت |
|
لنا بين أثواب الطراف من الأدم |
كلابية وبرية خيبرية |
|
نأتك وخانت بالمواعيد والذمم |
أناسا عدى علقت فيهم وليتني |
|
طلبت الهوى في رأس ذي زلق أشم (٢) |
كأنه قال : أعظم كلابية ، ألا ترى كيف دل على تفخيمه إياها بذكره قبائلها ونصب أناس بأعني ، والطراف : القبة من أدم.
ومعنى الأبيات : أن هذه المرأة نأت عنه وقطعت حبله ، وقومها أعداء له ، فلا مطمع له فيها ، وهو مع ذلك مشغوف بها ، ولذلك تمنى أن يطلب الهوى في رأس حبل أشم.
أنشد أيضا في التعظيم :
* ضننت بنفسي حقبة ثم أصبحت |
|
لبنت عطاء بينها وجميعها |
ضبابية مرية حابسية |
|
منيفا بنعف الصيدلين وضيعها (٣) |
فنصبت" ضبابية" وما بعدها على التعظيم ، النعف : الأصل ، والصيدلان : جبل أو موضع.
وأبعد سيبويه أن يكون نصب بعد هذه الأشياء على الحال لضعف المعنى ، لأنه لم يرد لم أر ليلى في حال ما هي كلابية وبرية خيبرية لأنها أسباب لا تتغير ، وكذلك : ضبابية مرية حابسية ، فحمل ذلك على تعظيم شأنها بهذا الأشياء الرفيعة الشريفة عنده.
قال : وزعم يونس أنه سمع رؤبة يقول :
* أنا ابن سعد أكرم السعدينا (٤)
__________________
(١) ديوان الفرزدق ٢ / ٨٢١ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٨٨ شرح النحاس ٢٠١ ، شرح السيرافي ٣ / ٥١١ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٠٦.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٨٩ ، شرح النحاس ٢٠١ ، شرح السيرافي ٣ / ٥١٢ ، البيت الثالث في الخصائص ٢ / ١٢٢.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٨٩ ، شرح السيرافي ٣ / ٥١٢.
(٤) ملحقات ديوانه ١٩١ ، الكتاب وشرح الأعلم (١ / ٢٨٩ ، ٢ / ٩٦) ، المقتضب ٢ / ٢٢١ ، شرح ـ ـ