فنصبه على الفخر والتعظيم"
قال سيبويه وقال الخليل : إن من أفضلهم : كان زيد على إلغاء كان وشبهه بقول الشاعر :
* فكيف إذا مررت بدار قوم |
|
وجيران لنا كانوا كرام |
ورد المبرد هذا ، وزعم أن كانوا له اسم وخبر ، فاسمها" الواو" وخبرها" لنا" التي قبلها ، كأنه قال : وجيران كانوا لنا. والأظهر : كلام الخليل لأن" لنا" من صلة جيران ، " وكانوا" دخولها غير مغير الكلام ، كأنه قال : وجيران لنا كرام وأضمر الجيران في كان لئلا يخلو من فاعل.
قال : وسألت الخليل ـ رحمه الله ـ عن قوله تعالى : (وَيْكَأَنَّ اللهَ) [القصص : ٨٢] فزعم أن" وي" مفصولة من كأن ، والمعنى وقع على أن القوم انتبهوا فتكلموا على قدر علمهم أو نبهوا.
يريد أن معنى أي تنبيه يقولها الإنسان عند تندمه واستعظامه للأمر ، ويقولها المندم لغيره والمنبه له.
ومعنى كأن الله يبسط الرزق ، وإن كان لفظه لفظ التشبيه ، فمعناه : التحقيق. وقد قال الشاعر :
* فأصبح بطن مكة مقشعرا |
|
كأن الأرض ليس بها هشام (١) |
ومعناه : الأرض ليس بها هشام ، لأنه مات ، وهذا من مراثيه.
وزعم الفراء أن" ويك" موصولة بالكاف ، وأن الله مفصول عن الكاف ، وزعم أن معناها في كلام العرب التقدير ، كقول الرجل : أما ترى إلى صنع الله ، وكل واحد من مذهب الخليل ومذهب الفراء يتخرج على ما روى عن المفسرين لأن قولهم : ألم تر تنبيه.
وأجاز الفراء وغيره أن يكون ويك بمعنى : ويلك ، وحذفت اللام لكثرتها في الكلام ، وأنشد قول عنترة :
* ويك عنتر أقدم (٢)
__________________
ـ السيرافي ٣ / ٥١٣ ، شرح المفصل ١ / ٤٦.
(١) ديوانه ٩٢ ، الكامل ٢ / ١٤٢ ، شرح السيرافي ٣ / ٥١٦ ، المنصف ٢ / ٢٠ ، الجنى الداني ٥٧١ ، مغني اللبيب ١ / ٢٥٣ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٥١٥ ، الهمع ١ / ١٣٣.
(٢) ديوان عنترة ٢١٩ ، شرح المعلقات العشر ١١٦ ، شرح أشعار الشعراء الستة للأعلم ٢ / ١٢٢ ، معاني القرآن ٢ / ٣١٢ ، شرح السيرافي ٣ / ٥١٧ ، الخصائص ٣ / ٤٠ ، الجنى الداني ٣٥٣ ، مغني اللبيب ١ / ٤٨٣ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٧٨٧ ، الخزانة ٦ / ٤٠٦.