وهذا المذهب بعيد ، لأنه لا يقال : ويلك أن زيدا قائم بفتح أن وإنما يقال بالكسر ، وحكى الفراء أيضا عن بعض النحويين أنه يذهب إلى أنها : ويك بمعنى : ويلك وجعل أن منصوبة بفعل مضمر ، كأنه قال : ويلك اعلم أن الله ، وأنكر الفراء هذا ، وقال : ألا ترى أنه لا يجوز في الابتداء : يا هذا إنك قائم.
ويحتمل بيت عنترة أن يكون" الكاف" في ويلك للخطاب مثل الكاف في رويدك.
وأنشد سيبويه لزيد بن عمرو بن نوفل :
* سألتان الطلاق أن رأتا |
|
مالي قليلا ، قد جئتماني بنكر |
وي كأن من يكن له نشب يحبب |
|
ومن يفتقر يعش عيش ضر (١) |
وأنشد في المبتدأ المعترض بين اسم إن وخبرها :
* وإلا فاعلموا أنا وأنتم |
|
بغاة ما بقينا في شقاق (٢) |
والتقدير : أنا بغاة ما بقينا وأنتم ، والشقاق : العداوة والمخالفة.
وفيه تقدير آخر : أن تضمر لأنا خبرا محذوفا يدل عليه ما بعده ، وتجعل بغاة خبر" أنتم" كأنه قال : أنا بغاة ، وأنتم بغاة ، وحذف خبر الأول اكتفاء بخبر الثاني.
هذا باب كم
ذكر سيبويه في هذا الباب أن" كم" تكون فاعلة ، وهي لا تكون فاعلة أبدا ، لأنها أول الكلام في اللفظ وإنما أراد أن ضميرها فاعل ، وهي وضميرها شيء واحد ، فهي في المعنى فاعلة وإن كانت مبتدأة.
وذكر أن الفصل بين" كم" وما نصبته يجوز جوازا حسنا ، كأنه صار عوضا من تمكنها.
فإن قال قائل : فيلزم من" خمسة عشر" ونظائره أن يجوز الفصل جوازا حسنا ليكون عوضا من تمكنها ، فللمحتج عن سيبويه أن يقول : قد كثر الكلام" بكم" لأنه في كل مستفهم عنه من المقدار ، فاجتمع كثرة الاستعمال إلى منع التمكن ، ولم يكثر في باب : خمسة عشر ويجوز أن تقول : إن خروج" كم" عن التمكن أشد من خروج" خمسة عشر" ، لأن" كم
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٩٠ ، معاني القرآن ٣١٢ ، مجالس ثعلب ١ / ٣٢٢ ، شرح النحاس ٢٠٣ ، شرح السيرافي ٣ / ٥١٥ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١١ ، مغني اللبيب ١ / ٤٨٣ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٧٨٦ ، همع الهوامع ٢ / ١٠٦ ، حاشية الصبان ٣ / ١٩٩ ، الخزانة ٦ / ٤٠٤.
(٢) الكتاب شرح الأعلم ١ / ٢٩٠ ، شرح النحاس ٢٠٣ ، شرح السيرافي ٣ / ٥١٨ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٣ ، الإنصاف ١ / ١٩٠ ، شرح المفصل ٨ / ٦٩ ، أوضح المسالك ١ / ٢٥٨ ، الخزانة ١٠ / ٢٩٣ ، المقاصد النحوية ١ / ٢٧١.