فخفض مقرفا بكم وقد فصل بينهما وهو جائز في الشعر. والمقرف : النذل اللئيم الأب وأصله في الخيل.
وأنشد أيضا :
* كم فيهم ملك أغر وسوقة |
|
حكم بأردية المكارم محتبى |
فملك ، خفض" بكم" ، ولو نصب لكان الوجه من أجل الفصل ، والرفع جائز على أن يكون كم لتكثير المرار.
وأنشد أيضا :
* كم في بني بكر بن سعد سيد |
|
ضخم الدسيعة ماجد نفاع |
الدسيعة : العطية. والمعنى : كثير العطية ـ وقيل الدسيعة : الجفنة ، وهي أيضا كناية عن العطية ، وقيل الدسيعة : الذراع ، فيكون على هذا : ضخم الدسيعة كناية عن الشدة. وإن شئت عن كثرة العطاء ، كما يقال : فلان طويل الذراع ، أي واسع المعروف.
هذا باب ما جرى مجرى كم في الاستفهام
وذلك قولك : له كذا وكذا درهما ، هو مبهم في الأشياء وكناية للعدد بنزلة فلان.
وبمنزلة : ذيت وذيت ، وكيت وكيت ، وكذلك كأين رجلا قد رأيت وكأين من رجل.
قال عمرو بن شأس :
* وكائن رددنا عنهم من مدجج |
|
يجيء أمام القوم يردي مقنعا |
" فكائن" بمعنى" كم" وبمعنى" رب" وهي : " أي" دخلت عليها كاف التشبيه كما دخلت على أن في قولك : " كأن" ، وفيها خمس لغات ، أصلها كلها : كائن وهي" كأي وكاء وكئ وكأي وكأ وهي تنصب ما بعدها بلزوم التنوين لها ، وتدخل على المنصوب" من" لتخرجه من معنى المفعول إلى معنى التمييز ، لأن المفعول قد يصح وقوعه بعده في بعض المواضيع.
فأما اللغات فأصلها وأفصحها : " كأين" مشددة ، والوقف عليها بغير تنوين ، وبعدها في الفصاحة" كائن" على مثال" كاعن".
قال المبرد : لما دخلت" الكاف" ، جعلت مع" أي" اسما واحدا.
وحذفت" الياء" الأولى مع" أي" ، وجعل التنوين عوضا من" الياء" المحذوفة.
فالذي يوجبه مذهبه أن يجعل على وزن فاعل ، الكاف منه كفاء الفعل وبعد الكاف ألف فاعل ، وبعدها الهمزة التي في أول" أي" ، وقد حذفت إحدى اليائين ، فتكون الهمزة في موضع عين الفعل ، والياء الباقية في موضع لام الفعل ، ودخل عليه التنوين الذي كان في" أي" ، فسقطت الياء لاجتماع الساكنين فصار كأن ولزمت النون عوضا.