في الجمع مثله في التثنية ، ثم حذف قوله : «وجعلوه ياء» ؛ لأن قوله : «لم يجعلوا النصب ألفا» دليل على هذا المحذوف ، وفي «يكون» ضمير النصب. والهاء في «مثله» ضمير النصب ، كأنه قال : ليكون النصب في تثنيته مثل النصب في الجمع.
وقوله : «وكان مع ذا أن يكون تابعا لما الجرة منه أولى».
يعني : وكان النصب مع هذا الذي ذكرنا ، مما يمنع أن يكون النصب بالألف أن يكون النصب تابعا حين منع الألف أولى ، وأما الجرة منه فالياء ؛ لأن الكسرة من الياء.
وقوله : «ومن ثم جعلوا تاء الجمع في النصب (والجر) مكسورة» إلى قوله : «لأنها في التأنيث نظير الواو والياء في التذكير».
يريد أنهم جعلوا تاء الجمع في النصب والجر مكسورة ، لأنهم قد جعلوا هذه التاء والحرف الذي قبلها علامة لهذا الجمع ، كما جعلوا الواو والياء علامة لجمع المذكر باجتماعهما في هذه المعنى ، وأشركوا بين النصب والجر في هذا الجمع كما أشركوا بينهما في ذلك الجمع.
قال الأخفش في هذا الجمع من المؤنث : «ليس فيها في موضع النصب إعراب ، ولا حرف إعراب ـ يعني في التاء ـ وهذه الكسرة عنده كسرة بناء».
والاحتجاج له : أن هذه الكسرة أتبعت كسرة الخفض ، وكسرة الخفض إعراب ، وكسرة النصب بناء ، كما قالوا : «يا زيد بن عبد الله» في من فتح الدال من «زيد» ، فأتبعوا حركة الدال إعراب «الابن» وإحدى الحركتين إعراب والأخرى بناء ، وكذلك امرؤ وابنم.
والاحتجاج على الأخفش أن يلزم جعل فتحة ما لا ينصرف في حال الجر بناء ؛ لأن هذه الفتحة هي النصب ، والجر داخل عليه فيها كما دخلت الكسرة في التاء للجر ودخل النصب عليها.
والذي فيه من الاحتجاج لسيبويه ـ في أن الكسرة في التاء في النصب إعراب ـ أن الإعراب إنما هو تعاقب الحركات على أواخر الكلم باختلاف العوامل ، وهذه الكسرة تدخل معاقبة للضمة لعوامل توجب ذلك لها ، فقد وجب فيها شرط الإعراب.
فصل
قال سيبويه : «واعلم أن التثنية إذا لحقت الأفعال المضارعة علامة للفاعلين» إلى قوله : «إذ كانت متحركة لا تثبت في الجزم».
اعلم أن الفعل لا يثنى ولا يجمع ؛ لأن المثنى والمجموع ، هو الذي يدخل في نوع يشاركه فيه غيره ، فيشتمل النوع على آحاد منكورين فتضم بالتثنية واحدا من النوع إلى آخر مثله ، وتضم بالجمع واحدا إلى أكثر منه ، وليس الفعل كذلك ؛ لأن اللفظ الواحد من الفعل