وذكر سيبويه من الأسماء التي لا تستعمل إلا في النفي أسماء ليبين حكمها ومواقعها ، وأنها لا تقع تفسيرا لشيء من المقادير التي تفسر بالأنواع ، والذي ذكر : " أحد وكرأب وأرم وكتيع وعريب" ومعناها كلها واحد ، ولا تقع إلا في النفي لاستغراق الجنس ولها نظائر في الكلام كثيرة ذكرها أهل اللغة.
هذا باب النداء
أنشد سيبويه في هذا الباب مستشهدا لما نعت من المفرد بالمضاف :
* أزيد أخا ورقاء إن كنت ثائرا |
|
فقد عرضت أحناء حق فخاصم (١) |
الأحناء : النواحي ، واحدها حنو ، والمعنى : قد أمكنك الحق فاطلبه.
وأنشد لرؤبة :
* إنّي وأسطار سطرن سطرا |
|
لقائل : يا نصر نصرا نصرا (٢) |
أنشد على أنه جعل الثاني عطف البيان الذي يقوم مقام الصفة فقد خولف في هذا ، فقال الأصمعي : النصر : المعونة ، فهو على هذا منصوب على المصدر كأنه قال : عونا عونا ، وقال أبو عبيدة كان نصر بن سيار له حاجب يقال له نصر ، فقال : يا نصر ، يعني حاجبه ، يغريه به.
وأنشد لرؤبة أيضا :
* يا دار عفراء ودار البخدن (٣)
اعلم أن المنادى عند سيبويه وسائر البصريين بمنزلة المفعول به ، وحجتهم في ذلك أن العرب نصبت المنادى المضاف والموصول والنكرة ونعوتها ، وأجازت في نعت المفرد ـ إذا كان مفردا ـ النصب ، فعلم بنصب نعته أن الاسم مقدر له ما ينصبه كما يقدر في أمس من قولك : لقيته أمس الأحدث ، أنه منصوب بلقيته ، ويحمل الأحداث على ما قدر في أمس من العوامل وإن كان مكسورا.
فإن قال قائل : كيف يقدر الناصب للمنادى؟
قيل له : تقديره على التقريب : أنادي وأدعو وشبهه ، وليس هذا على الحقيقة لأن النحويين قد أجمعوا على أن النداء ليس بخبر.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٠٣ المقتضب ٤ / ٢٠٩ ، شرح النحاس ٢١٤ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٢ ، المقتصد ٢ / ٧٧١ ، شرح المفصل (٢ / ٤).
(٢) ملحقات ديوان رؤبة ١٧٤ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٠٤ ، المقتضب ٤ / ٢٠٩ ، شرح النحاس ٢١٤.
(٣) ديوان رؤبة ١٦١ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٠٥ ، شرح النحاس ٢١٥ شرح السيرافي ٣ / ٣٣ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٤٦٩.