وباقي الباب مفهوم.
هذا باب لا يكون فيه الوصف المنفرد إلا رفعا
ولا يقع في موضعه غير المفرد
وذلك قولك : يأيها الرجل ويأيها الرجلان
اعلم أن الأصل في دخول" أي" أنهم أرادوا نداء الرجل وهو قريب من المنادي فلم يمكن نداؤه من أجل الألف واللام ، وكرهوا نزعهما وتغيير اللفظ ، فأدخلوا" أيا" وصلة إلى نداء الرجل على لفظه وجعلوه الاسم المنادي ، وجعلوا الرجل نعتا له وألزموه" هاء" دلالة على خروجه عما كان عليه في الكلام ، وعوضا من المحذوف منه ، والذي حذف منه الإضافة كقولك : أي الرجلين؟ وأي القوم؟ والصلة التي توجد في نظائره. ألا ترى أنك إذا ناديت" من" ، قلت : يا من في الدار أقبل ، ويا من أبوه قائم تعال.
وقال سيبويه : وجعلوا : ها : فيها بمنزلة يا وأكدوا التنبيه.
قال : وقد يجعل الأسماء المبهمات بمنزلة أي ، كقولك : يا هذا الرجل ، ويا هذان الرجلان.
وذكر" أولئك" في هذا الموضع وهي لا تنادي لأن الكاف للمخاطب و" أولاء" غير الذي له الكاف ، فكيف ينادى من ليس بمخاطب ، والذي أراد ـ والله أعلم ـ بذكرها هنا ، أن يعدها في المبهمات لا في ما ينادى.
ولا يجوز في نعت" أي" إلا الرفع لأن قولك : يأيها ، لا يتم بها النداء ولا بد من الرجل بعدها ، والرجل هو المقصود بالنداء على ما تقدم ، فيلزم رفع الرجل من وجهين : أحدهما : أنه يلزمه لفظ المنادي المفرد إذ هو في التقدير المنادي.
والآخر : أن الباب أن لا يحمل الشيء على الموضع إلا بعد تمام الكلام ، والنداء لم يتم ب يأيها ، فحمل الرجل على اللفظ دون الموضع.
وأنشد سيبويه في نعت المبهم بالمضاف الذي يقدر فيه الانفصال :
* يا صاح يا ذا الضامر العنس |
|
والرحل ذي الأنساع والحلس (١) |
ومثله :
* يا ذا المخوفنا ـ بمقتل شيخه |
|
حجر تمنى صاحب الأحلام (٢) |
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٠٦ ، مجالس ثعلب ١ / ٢٧٥ ، مجالس العلماء ٨٨ ، المقتضب (٤ / ٢٢٣ ـ ٢٤٣.
(٢) ديوانه ١٢٢ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٠٧ ، شرح النحاس ٢١٦ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٨ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٤٥ ، الخزانة ٢ / ٢١٩.