فهذا في البيتين للإشارة وما بعدها نعت لها وهو رفع ، وإن كان مضافا لأن الأصل فيه غير الإضافة ، فتقدير البيت الأول :
ياذا الضامر عنسه ، والبيت الثاني : يا ذا المخوف لنا
ومثله : يا ذا الحسن الوجه ، وتقديره : يا ذا الحسن وجهه.
والكوفيون ينشدون : يا ذا الضامر العنس بخفض الضامر ، وإضافة ذا إليه ، ويجعلونه مثل ذا الجمة. ويحتجون لصحة روايتهم بخفض الرحل وما بعده ، ويقدرون البيت : يا ذا العنس الضامر والرحل ، بمعنى : يا صاحب العنس والرحل.
وقالوا : لو كان على ما قاله سيبويه لم يستقم خفض الرحل لأنا إن عطفناه على العنس ، فقلنا : يا ذا الضامر عنسه ورحله لم يستقم ، لأن الرحل لا يوصف بالضمر.
والذي أنكروه ليس بمنكر لأن هذا من باب قوله :
* فعلفتها تبنا وماء باردا
فيحمل الثاني على ما يليق به ، ولا يخرج من قصد الأول ، فيكون معنى الضامر المتغير ، والرحل محمول عليه ، كأنه قال : المتغير العنس والرحل.
وتقول : يا حسن الوجه بالنصب ، ولا يجوز الرفع كما جاز في قولك :
يا حسن وليس امتناعه من أجل أنه مضاف ، وكأنه لما كان تمام حسن الوجه ، نصب كما نصب يا خيرا من زيد ، ويا ضاربا أخاه ، وهذا المنصوب إذا نعت به ، جرى مجرى المفرد ، كقولك : يا زيد الحسن الوجه ، ويا عمرو الضارب زيدا ، وكذلك ما أشبهه.
وأنشد سيبويه في نعت الاسم المنادى" بأي" المضافة :
* يأيها الجاهل ذو التنزي (١)
ويجوز نصبه على البدل من موضع" أي" والتنزي : التوثب ، يقال نزي عليه وتنزي.
وأنشد أيضا في نعت المبهم بالألف واللام ونعت" أي" بالمبهم :
* ألا أيها ذا المنزل الدارس الذي |
|
كأنك لم يعهد بك الحي عاهد (٢) |
فهذا نعت" لأي" والمنزل نعت لهذا.
يقول : كأنك لدروسك وقدم عهدك ، لم يعهد بك الحي المقيم عاهد.
هذا باب ما ينتصب على المدح والتعظيم
أو الشتم لأنه لا يكون وصفا للأول ، ولا عطفا عليه ـ وذلك قولك : يأيها الرجل
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٠٨ ، المقتضب ٤ / ٢١٨ ، شرح السيرافي ٣ / ٣٩ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٤٧١ ، شرح المفصل ٦ / ١٣٨ ، المقاصد النحوية ٤ / ٢١٩.
(٢) ديوان ذي الرمة ١٢٢.