وعبد الله المسلمين الصالحين ... وكذلك يا هؤلاء وزيد الطوال).
وقد تقدم أن المبهم يوصف بما فيه الألف واللام وينقله المبهم من تعريف العهد الماضي إلى تعريف القرب والإشارة ، فيصير المبهم وصفته كشيء واحد ، فإذا قلنا : يا هؤلاء وزيد الطوال ، فقد فصلنا بزيد بين هؤلاء والطوال ، فخرج عن المذهب الموضوع لصفة المبهم فلم يسم بالصفة ، وسمي بعطف البيان ، لأن فيه شرحا وبيانا كالبدل والتوكيد وليس بصفة له ، ولو أراد الصفة لقال : يا هؤلاء الطوال وزيد.
وفصل سيبويه بين الصفة والعطف بأن الصفة تجيء بمعنى الألف واللام.
يريد أن الصفة في غير المبهمة ما أتي بمعنى فيه يختص به ويتبين من غيره ، فلهذا جعل الأخ صفة لأن فيه معنى الأخوة التي عرف بها الموصوف وباين بها غيره ، وكذلك المبهم ، لأن فيه معنى القرب والإشارة ، ولو قلت : مررت بأخيك زيد ، لم يكن زيد بصفة لأنه لم يسم بزيد لمعنى فيه فيقدر بمعنى الذي من أمره كذا وكذا ، ولكنه عطف لما فيه من البيان والشرح.
ووقع بعد هذا الفصل في كتاب سيبويه : وكل شيء جاز أن يكون هو والمبهمة بمنزلة شيء واحد ، فهو عطف عليها.
فمعنى" حاز" جاوز وفي بعض النسخ : جاوز.
قال الأخفش : واعلم أن قولك : يأيها الرجل ، أن يكون الرجل صفة" لأي" أقيس ، لأن" أيا" لا يكون اسما في غير الاستفهام والمجازاة إلا بصلة.
قال الزجاج : هذا خطأ لو كان كذلك ، لوجب أن لا تضم" أيها" لأنه لا يبنى في النداء ما يوصل ، ألا ترى أنه لا يقال : يا خير من زيد ، وإنما يقال : يا خيرا من زيد لأن ما بعده من صلته فلو كان الرجل من صلة" أي" لوجب نصبه.
وذكر سيبويه أن العرب لا تنادي اسما فيه الألف واللام ألبتة ، إلا أنهم قد قالوا : يا الله اغفر لنا.
واعتل لذلك بأن الألف واللام لا تفارقه فأشبها الأصلي مع كثرة الاستعمال.
وفرق بينه وبين" الذي"" والتي" لأنهما صفتان ، فيمكن أن ينادى موصوفهما ويؤتى بهما صفتين كقولك : يا زيد الذي في الدار ، ويا هند التي أكرمتني ، ولا يكون ذلك في اسم الله تعالى.
وأصل اسم" الله" كأنه قال : " إلاه" ثم دخلت عليه الألف واللام فصار" الإلاه" ، ثم لينت الهمزة وألقيت حركتها على لام التعريف وأسقطت هي فصار" اللاه" ثم أدغمت اللام في اللام فصار" الله" وصارت الألف واللام عوضا من الهمزة المحذوفة.