وقال بعضهم حذفت الهمزة على غير وجه التليين ، وذلك أبلغ في إثبات الألف واللام ، وقد حذفوا الهمزة من : " خذ" و" كل" على غير وجه التليين.
قال سيبويه : " ومثل ذلك أناس" فإذا أدخلوا الألف واللام أسقطوا الهمزة ، وهذا تقديره ـ في التخفيف والإدغام والعوض ـ تقدير اسم الله تعالى ، كأن الهمزة من" أناس" خففت وألقيت حركتها على لام التعريف فصار" الناس" ثم أدغمت اللام في النون فصار" الناس" ولا يستعمل مع الألف واللام إلا بإسقاط الهمزة.
فهو عند سيبويه كاسم" الله" في أن الألف واللام عوض من الهمزة.
وذكر عن المازني أنه أنشد في إبطال العوض في الأناس :
* إن المنايا يطلعن على الأناس الآمنينا
وليس في هذا مندفع لما ذكرناه من العوض ، لأن البيت غير معروف ويجوز مع ذلك أن يكون الشاعر اضطر فرد المعوض منه مع وجود العوض وهذا كثير في الشعر.
وذكر سيبويه أشياء من التعويضات تقوية للعوض في اسم" الله" وفي" الناس".
قال : وقال الخليل : " اللهم" نداء ، والميم هاهنا بدل من" يا".
وزعم أنه لا يوصف من قبل أنه صار مع الميم بمنزلة صوت كقولك : يا" هناه" و" نومان" و" فل" ، وليس شيء من هذا ينعت.
قال المبرد : إذا كانت" الميم" عوضا من" يا" فإنا إذا قلنا : يا الله الكريم ، فالكريم نعت ، وكذلك إذا قلنا : اللهم الكريم فالكريم نعت لله ، واستشهد بقوله عز وجل : (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الزمر : ٤٦] وعلى مذهب سيبويه (فاطر السموات والأرض) : نداء ثان.
وأما" يا هناه" ، فهو في معنى : " ياهن" ، وأصل" هن" : هنة ثم بني على" فعال" فصار هناه ، وقال بعض النحويين أصله" هن" ، وأدخل عليه الألف واللام لبعد الصوت في النداء ، وأدخلت الهاء بعد ذلك للوقف ، وكثر في كلامهم حتى صارت الهاء كأنها أصلية فحركوها كما يحرك المنادى المفرد ويثنى ويجمع على هذا المذهب فيقال : يا هنانيه ، ويا هنوناه.
وأنشد سيبويه في نداء" التي" ضرورة :
* من أجلك يا التي تيمت قلبي |
|
وأنت بخيلة بالود عني (١) |
وكان المبرد لا يجيز هذا ، ويطعن على البيت.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣١٠ ، المقتضب ٤ / ٢٤١ ، شرح النحاس ٢١٧ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٣ ، ما يجوز للشاعر في الضرورة ١٤٦ ، الإنصاف ١ / ٣٣٦.