يريد : جارية ، ووصل هذا بأمثال العرب ، وهي قولهم : افتد مخنوق ، وأصبح ليلا ، واطرق كرا معنى البيت أن العجاج كان يصلح حلسا لجمله فأنكرته عليه ، فقال لها هذا فأما الأمثال : فجاز حذف حرف النداء منها لكثرة استعمالهم لها ، فصارت كالمعرفة فحسن جواز الحذف فيها.
ومعنى قوله في باب الندبة وفي هذا الباب : " لأنهم يحتلطون ويدعون ما فات".
الاحتلاط : الاجتهاد في الغضب والغيظ ، وقد يقال : احتلط في الأمر إذا اشتد فيه.
ورد المبرد قول سيبويه في هذا الباب : " وقد يجوز حذف يا من النكرة" ومجيئه بالبيت والأمثال وقال : أخطأ في هذا كله خطأ فاحشا يعني أن هذه الأسماء معارف بالنداء ، وقد جعلها سيبويه نكرات.
وادعاء المبرد هذا هو الخطأ ، والعجب منه كيف ذهب عليه ذلك أيتوهم أن سيبويه يعتقد أن" مخنوق" و" وليل" نكرات وهو يضمها بغير تنوين؟ فإنما حذف" يا" من النكرة ، يعني : ما كان نكرة قبل النداء ، فورد النداء عليه فصار معرفة من أجله.
هذا باب ما جرى على حرف النداء وصفا له
وليس بمنادى ينبهه غيره
قوله : " ما جرى على حرف النداء وصفا له".
أراد" أيا" إذا قلت : أنا أفعل كذا وكذا أيها الرجل ، و" اللهم اغفر لنا أيتها العصابة" وسمي" أيا" هنا حرف نداء لأنه لا يستعمل إلا في النداء وما بعده وصف له. وأيها في هذا الباب ، وإن كان لفظ المنادى ، فليس بمنادى في الحقيقة لأن حرف النداء لا يدخل عليه ، ولكنه استعمل للاختصاص لأن المنادى مختص وإن لم تناده ، فاستعير لفظ أحدهما للآخر من حيث شاركه في الاختصاص ، كما جعل حرف الاستفهام لما ليس باستفهام لما اشتركا في التسوية وقد بين ذلك سيبويه.
هذا باب من الاختصاص يجري على ما
جرى عليه النداء فيجيء لفظه على موضع النداء نصبا
وذلك قولك : أنا معشر العرب نفعل كذا وكذا.
قال عمرو بن الأهتم : (١)
__________________
ـ ٢٢٩) ، شرح السيرافي ٣ / ٥٩ ، المسائل البغداديات ١٦٨ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٤٦١ ، شرح عيون الكتاب ١٦٨ ، الوساطة ٤٦٦.
(١) الشعر والشعراء ٢ / ٦٣٢ ، معجم الشعراء ٢١٢ ، جمهرة الأنساب ٢١٨.