فتح لالتقاء الساكنين. فإذا كانت نون التوكيد التي يستغنى عنها تؤثر في الفعل هذا التأثير ، كانت النون التي لا يستغنى عنها ـ وهي ضمير جماعة المؤنث ـ أولى بهذا التأثير.
فإن قيل : لم خص تحريك الفعل بالفتح مع نون التوكيد؟.
فالجواب : أنه أشبه ما زيد عليه علامة التأنيث وعلامة التثنية ، أو ركب مع نون التوكيد تركيب خمسة عشر ، فأوثرت الفتحة لخفتها مع ثقله وثقل التوكيد.
وقوله : «وبنوها على هذه العلامة».
يريد : لام فعل ، بنوها على السكون ، والسكون هو العلامة ، فإنما أراد أن يسهل الأمر في تسكين هذه اللام إذ كانت حركتها حركة بناء. ثم بين أن الفعل المضارع إذا اتصل بنون النساء بني على السكون تابع للماضي لما بينهما من الشركة.
فصل
قال سيبويه : «اعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض» إلى قوله : «والاسم قد يستغني عن الفعل».
اعلم أن سيبويه قدم هذه المقدمة ليرى خفة الأسماء المنصرفة ، وأن الصرف فيها هو الأول ، وأن المانع من الصرف علل ـ دخلت عليها ـ فرعية ، فبدأ فدل على أن الفعل أثقل من الاسم في الأصل ؛ لأن الاسم يستغنى به عن الفعل ، ولا يستغنى بالفعل عن الاسم.
فلما دل على أن الاسم أخف والفعل أثقل ، ذكر أن نقصان الفعل عن الاسم لثقل الفعل وخفة الاسم ؛ لأن الاسم لخفته تدخله الحركات والتنوين ، والفعل لا يدخله إلا حركتان ، ويمنع من التنوين.
والعلة الفاصلة بينهما : الخفة والثقل. فجعل هذه العلة علة لكل ما ثقل من الأسماء بدخول العلل المثقلة لها عليها في منع التنوين وتمام الحركات التي تكون في الأسماء الخفيفة ، تشبيها لما ثقل من الاسم بالفعل ، وأشرك بينهما لاشتراكهما في الثقل ونقصانهما عن تمكن الاسم الأخف.
فهذه جملة مقدمة لهذا المعنى ، وستقف على تفصيل مسائلها في باب (ما ينصرف وما لا ينصرف) إن شاء الله.
وجملة ما يمنع الصرف ، وينزل الاسم منزلة الفعل المضارع هي تسع علل : التأنيث والصفة ، والجمع ، ووزن الفعل ، والعدل ، والعجمة ، وتركيب الاسم من اسمين والتعريف ، وشبه التأنيث باللفظ والزيادة.
فهذه التسع علل متى اجتمع منها اثنان فصاعدا أو واحدة في معنى اثنين امتنع الاسم من الجر والتنوين. وإنما كانت هذه عللا حادثة من قبل : أن الواحد قبل الجمع. وأن الصفة