المذكور ، كأنه قال : يا شاعرا عليكم شاعرا لا شاعر اليوم مثله ، أو حسبكم به شاعرا ، فهذا ظاهر كلام سيبويه.
ويجوز أن يكون قائل الشعر المحذوف هو الشاعر المذكور ، وينتصب" شاعر" على الحال ، ولا شاعر اليوم" في موضع النعت له ، واحتاج إلى إضمار قائل الشعر أو نحوه ، حتى يكون المنادى معرفة وكأنه قال :
يا قائل الشعر في حال ما هو شاعر لا شاعر مثله.
قال : " ومما جاء فيه معنى التعجب كقوله : يا لك فارسا قول شريح بن الأحوص الكلابي :
* تمناني ليقتلني لقيط |
|
أعام لك بن صعصعة بن سعد (١) |
وإنما دعاهم لهم تعجبا.
معنى هذا أن لقيط بن زرارة التميمي ، وهو من بني ارم ، تمنى قتل شريح بن الأحوص ، وهو من بني عامر بن صعصعة فعجب شريح قومه من أنفسهم حيث تمناهم لقيط وهم أمنع منه وأشد بأسا ، كأنه قال : يا عامر بن صعصعة أعجب لك من تمني لقيط إياك ، وتمنى شريح كتمنيه لعامر.
والعرب تستعمل حذف فعل التعجب وتكتفي باللام ، كقولك : يا لك فارسا كأنه نادى وأضمر معه فعلا لعلم المخاطب ، كأنه قال : يا هذا أعجب لك فارسا ، ومعناه : أعجب بك فارسا.
ومن النحويين من قال : يا لك كقولك : يا لزيد على معنى استغثت بك فارسا.
قال : وزعم الخليل أن هذا البيت مثل ذلك :
* أيام جمل خليلا لو يخاف لها |
|
صرما لخولط منه العقل والجسد (٢) |
قال أبو العباس : في هذا قولان : أحدهما : أن خليلا مفعول به ، وتقديره أعني خليلا ، والآخر : أن يكون حالا ، وتجعل أيام مضافة إلى جمل وفي إضافتها إليها يحدث معنى فعل لها ، وشبهه بقولك : (لقيته يوم عبد الله قائما) ، إذا عرفت اليوم لعبد الله وكان له فيه أثر. فقد يكون له يوم يذكر به قائما ، ويكون له يوم يذكر به راكبا ، فالشاهد في البيت على قول أبي العباس نصب خليل.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٢٩ ، شرح النحاس ٢٢٨ ، شرح السيرافي ٣ / ٦٢ ، شرح عيون الكتاب ١٦٦ ، الهمع ١٨١ ، حاشية الصبان ٣ / ١٧٦ ، المقاصد النحوية ٤ / ٣٠٠.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٢٩ ، شرح السيرافي ٣ / ٦٢ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥١١ ، شرح عيون الكتاب ١٣٧.