وقال غيره : إنما أراد بإنشاده البيت أنه اختص" أيام جمل" دون غيرها والتقدير : أعني أيام جمل ، فأشبه هذا البيت ما ذكره من المنصوب على الاختصاص.
قال : " وأما قول لبيد :
* نحن بنو أم البنين الأربعة
فلا ينشدونه إلا رفعا لأنه لم يرد إذا افتخروا أن يعرفوا أن عدتهم أربعة ولكنه جعل الأربعة وصفا.
وأجاز المبرد النصب من وجهين :
أحدهما : أن أم البنين امرأة شريفة وبنوها الأربعة كلهم سيد فينصب على الفخر ويكون الخبر في البيت الذي بعده.
والوجه الآخر : أنه لم يرد معنى الفخر ، ونصبه على أعني فيكون مثل قوله :
* وما غرّني حوز الرّزامي محصنا (١)
وقال غير المبرد أما الاختيار بأم البنين فلو لم يقل" الأربعة" لجاز ذلك كما يجوز : نحن بني تميم نفعل كذا ، وتكون هذه المرأة معروفة بالنجاعة والفضل ، ولما ذكر الأربعة خرج ذلك من أن يكون فخرا ، إذ ليس في ذكر العدد ما يوجب الافتخار به وإن كان الأربعة نجباء ، فليس لنجابتهم في الشعر ذكر يصح الافتخار به ، ولا هو اسم علم لهم ، فقول سيبويه أقرب وأصح.
هذا باب الترخيم
الترخيم المطرد يلزم المنادى دون غيره تخفيفا من اسمه إذا طال لكثرة النداء في كلامهم ، ومعنى الترخيم نقص الاسم عن تمام الصوت به ، ومن ذلك : كلام رخيم إذا كان لينا.
وللترخيم شروط إذا نقص منها شرط امتنع الترخيم ، فشروطه : ألا يكون الاسم منادى ، مفردا ، معرفة ، على أكثر من ثلاثة أحرف ، ويكون في آخرها هاء التأنيث ، وإن كان على ثلاثة أحرف في عدة وثبة ، فإن نقص من هذه الشرائط شيء لم يجز ترخيمه.
هذا باب ما أواخر الأسماء فيه الهاء
اعلم أن الترخيم لا يكثر في شيء ككثرته في ما آخره هاء التأنيث لأنها شيء مضاف إلى الاسم وليس من نفسه لأنها لا تعود في جمع مكسر ولا سالم تعود ألف التأنيث ، ولأنها إذا دخلت للتأنيث لم تغير بنية ما تدخل عليه من المذكر ، وهي مع ذلك متغيرة ، تكون تاء في
__________________
(١) شرح السيرافي ٣ / ورقة ٦٣.