الوصل وهاء في الوقف ، ودخولها في الكلام أكثر من دخول ألفي التأنيث لأنها تدخل على أفعال المؤنث وعلى بعض أسماء المذكر للتوكيد ، فلما كانت هكذا كثر حذفها في الترخيم.
وذكر سيبويه أن من العرب من لا يحذف الهاء من آخر الاسم المعرفة في الفصل والوقف ، ثم يختلف هؤلاء المثبتون للهاء في حركة الهاء فمنهم من يضمها كما يضم سائر الأسماء المفردة ، ومنهم من يفتحها ويجعلها مقحمة بمنزلة يا تيم عدي ، وقد تقدم ذكر ذلك.
وذكر أن الذين يحذفون الهاء في الوصل يقفون عليها ليبينوا بها حركة الميم والحاء من سلم وطلح كما يفعلون ذلك في" قه" و" ارمه" ، كأنهم جعلوا لزوم الهاء للترخيم كلزوم حذف الياء في ارم ، ثم جعلوا العوض من الحرفين في الوقف : " الهاء" وهذه حكاية سيبويه عن العرب في فصلهم بين الوصل والوقف ، ومثله بأقرب ما يكون يشبهه من كلامهم ، ثم جعل سيبويه حذف الهاء في الوقف من المرخم كالضرورة.
وأنشد :
* كادت فزارة تشقى بنا |
|
فأولى فزارة أولى فزارا (١) |
أراد : يا فزارة فحذف هاء السكت وعوض منها الألف. ومعنى أولى : زجر ووعيد ، ومعناه : كدت تقع ولم تقع.
وأنشد لهدبة :
* عوجي علينا واربعي يا فاطما (٢)
هذا البيت لزائدة بن زيد العذري يذكر أخت هذبة ابن عمه وقوله : عوجي واربعي : أي ميلي وقفي. والقول في" فاطما" كالقول في فزارا وقد يجوز هذا في غير الضرورة لأن سيبويه حكى عن الثقة من العرب" يا حرمل" يريد : يا حرملة ، كما قال بعضهم ارم فيقفون بغير هاء.
هذا باب يكون فيه الاسم بعد ما
يحذف منه الهاء بمنزلة اسم بتصرف في الكلام ...
وذلك قول بعض العرب :
* يدعون عنتر والرماح كأنها |
|
أشطان بئر في لبان الأدهم (٣) |
__________________
(١) المفضليات ٤١٦ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٣١ ، شرح النحاس ٢٢٩ ، شرح السيرافي ٣ / ٦٧ ، ما يجوز للشاعر في الضرورة ١٤١.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٣١ ، الشعر والشعراء ٢ / ٦٩١ ، شرح النحاس ٢٣٠ ، شرح السيرافي ٣ / ٦٧ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٤٦٠.
(٣) شرح المعلقات العشر ١١٢ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٣٢ ، شرح النحاس ٢٣٠ ، شرح السيرافي ٣ / ـ ـ