فأما البنية العارضة في كلامهم الخارجة عن أبنيتهم ، فلا يلزمون تغيرها إلى أبنيتهم ولا إخراجها من كلامهم نحو استعمالهم : إبراهيم وإسماعيل وهابيل وقابيل ، وليس شيء من هذه الأبنية في كلامهم ، وكذلك إذا قلنا يا طيلس ويا حبلى إنما هو شيء عرض في الكلام وليس ببنية أصلية.
ويقال للمحتج عنه : أخبرنا عن" حار" ، من قولك : " يا حار" ما وزنه؟ فإن قال : " فاعل" على أصله قبل الترخيم فيجوز" طيلس" ، لأنه" فيعلان" لا : فيعل.
فالقول في نحو هذا لا يعتبر الحروف ، فإذا وقعت في مواضع يستمر الحس في تغييرها ، غيرت على ما بينا في قمحدو ، وغيرها.
هذا باب ما يحذف من آخره حرفان
وذلك قولك في عثمان : يا عثم أقبل ، وفي مروان : يا مرو أقبل
وقال الفرزدق :
* يا مرو إن مطيتي محبوسة |
|
ترجو الحياة وربّها لم ييئس (١) |
يريد : " يا مروان". والحباء : العطاء.
وأنشد أيضا :
* يا نعم هل تحلف لا تدينها (٢)
وأنشد للبيد :
* يا اسم صبرا على ما كان من حدث |
|
إن الحوادث ملقي ومنتظر (٣) |
أراد : أسماء. وذكر ملقيا ومنتظرا على معنى : منها حادث ملقي وحادث منتظر.
إن قال قائل : قد جعل سيبويه العلة في حذف الحرفين جميعا أنهما زيدا معا وقد زيدت الواو والنون في" بنون" معا فهلا حذفا جميعا؟.
فالجواب : أنهما في" بنون" غيرتا بناء إلى لفظ لا يستعمل مفردا ، لا يقال : " بن" في" ابن" فصار" بنون"" كزعوم" و" ثمود" وصارت الواو والنون كأنهما من نفس الكلمة.
__________________
(١) ديوانه ٢ / ٤٨٢ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٣٧ ، شرح النحاس ٢٣٥ ، شرح السيرافي ٣ / ٧٢ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٠٥ ، شرح المفصل ٢ / ٢٢ ، أوضح المسالك ٣ / ١٠٣ ، حاشية الصبان ٣ / ١٧٨ ، المقاصد النحوية ٤ / ٢٩٢.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٣٧.
(٣) ملحقات ديوان لبيد ٣٦٤ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٣٧ ، شرح النحاس ٢٣٥ ، شرح السيرافي ٣ / ٧٢ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٤٣٥ ، حاشية الصبان ٣ / ١٧٨ ، المقاصد النحوية ٤ / ٢٨٨.