مضاف إلى الجملة وتقديره : لا حين محن لنا ، و" لنا" : هو الخبر ويجوز خفضه بإضافة" حين" الأول إليه وزيادة" لا" على ما تقدم.
وأما قول جرير :
* ما بال جهلك بعد الحلم والدين |
|
وقد علاك مشيب حين لا حين (١) |
فحين الأول مضاف إلى الثاني ، وفصلت" لا" بينهما ، كفصلها في حيث بلا شيء ، كأنه قال : حين لا حين فيه لهو ولعب ، وهو قبل دخول" لا" حين حين فيه لهو ولعب.
وأنشد :
* أنت امرؤ منا خلقت لغيرنا |
|
حياتك لا نفع وموتك فاجع (٢) |
هذا ضعيف عند سيبويه ، لأنه لم يكرر" لا" على ما تقدم من حكم تكريرها.
وقال المبرد : لا أرى بأسا أن تقول لا رجل في الدار ، تجعله جواب قوله : هل رجل في الدار؟. وجائز أن يكون لرجل واحد وجائز أن يكون في موضع جمع.
وقوله : حياتك لا نفع ، من ذلك على غير ضرورة وكذلك : لا زيد في الدار ، جواب : هل زيد في الدار؟ جائز على غير ضرورة.
قوله بعد أن ذكر قول العرب : لا سواء : " وإنما دخلت لا هاهنا لأنها عاقبت ما ارتفع عليه" إلى قوله بعد ذكر" لا نولك أن تفعل .."
فدخل فيه ما دخل في ينبغي
اعلم أن قولهم : " لا سواء" ، إنما يتكلم بها المتكلم عند ادعاء مدع لاثنين جرى ذكرهما ، أن أحدهما مثل الآخر ، فيقول له المنكر لذلك : لا سواء ، أي : هما لا سواء ، أو هذان لا سواء ، على الابتداء والخبر ، ودخلت" لا" لمعنى الجحد على قول المدعي : هما سواء ، وهذان سواء واستجازوا حذف المبتدأ لأنهم جعلوا" لا" كافية من المبتدأ ، لكثرة الكلام عند رد بعضهم على بعض ادعاء التساوي في الشيئين.
وشبهه سيبويه بجعل" ها" عوضا من" واو" القسم في : ها الله ذا ، وعوض" ها" من الواو أوكد ، لأن المبتدأ المحذوف يجوز أن يؤتى به فيقال : هذان لا سواء ، ولا يجوز أن يؤتى بالواو مع" ها" لأنهم قد غيروا لفظ الكلام في الأصل وترتيبه ولو لم تدخل" لا" ، لم تقل : سواء وأنت تعني : هما سواء.
__________________
(١) ديوان جرير ٥٨٦ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٥٨ ، شرح السيرافي ٤ / ٥٤ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٣٠ ، شرح عيون الكتاب ١٧٦ ، الهمع ١ / ١٩٧ ، الخزانة ٤ / ٤٧.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٥٨ ، المقتضب ٤ / ٣٦٠ ، شرح السيرافي ٤ / ٥٥ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٢٠ ، شرح المفصل ٢ / ١١٢ ، الهمع ١ / ١٤٨ ، حاشية الصبان ٢ / ١٨.