وغيره بلفظ شامل لهما ، وإدخاله في ما خرج عنه هو وغيره بلفظ شامل لهما.
وأفرد سيبويه هذا الباب بالاسم الذي تدخل عليه" إلا" فلا تغيره عما كان عليه كقولك : ما أتاني إلا زيد ، وما لقيت إلا زيدا ، وسماه استثناء.
ولقائل أن يقول : كيف جاز أن يستثني الشيء لا من شيء؟ فيقال له : هذا وإن حذف واعتمد ما قبل حرف الاستثناء على الاسم الذي بعده في العمل ، فلا يخرجه ذلك عن معنى الاستثناء ، كما أن المفعول إذا حذف فاعله وأقيم هو مقامه ، لم يخرجه ذلك من أن يكون مفعولا به ، إلا أنه رفع لاحتياج الفعل إلى لفظ الفاعل.
وكذلك لما حضر حرف الاستثناء الذي يثبت لما بعده ما ينفي عن كل شيء سواه ، علم أن المفعول أثبت لزيد وحده ونفي عن غيره وإن لم يذكر غيره. فإذا قلت : ما قام إلا زيد ، كان معناه كمعنى ما قام أحد إلا زيد ، فإذا حذفت أحدا استوى حذفه وإثباته في المعنى ، واحتيج إلى تصحيح اللفظ عند حذفه. وتصحيحه : ألا يعرى الفعل من فاعل وليس في الكلام فاعل سوى ما بعد" إلا" فجعل فاعله.
هذا باب ما يكون المستثنى فيه بدلا
مما نفي عنه ما أدخل فيه
ذكر سيبويه في النفي ما يكون له اسم ظاهر واسم مكنى متعلقان بعاملين مختلفين ، فجوز في بعضه البدل من أي الاسمين شئت ، ولم يجز في بعضه البدل إلا من أحد الاسمين ، فالذي فيه هو الذي كل واحد من عاملي الاسمين مجحود في المعنى.
والذي لم يجز فيه هو الذي : عامل أحد الاسمين مجحود ، وعامل الآخر غير مجحود فتبدل من الاسم الذي عامله مجحود دون الآخر.
وأنشد في ما كل واحد من عاملي الاسمين مجحود في المعنى.
* في ليلة لا نرى بها أحدا |
|
يحكي علينا إلا كواكبها (١) |
الشاهد فيه أنه أبدل" كواكبها" من الضمير في يحكي ، ونرى هنا : من رؤية القلب ، وكأنه قال : لا يحكي علينا أحد إلا كواكبها ، ولو كان في غير الشعر لجاز : " إلا كواكبها" بالنصب على البدل من" أحد" المنصوب ، ولكان الاختيار ، لأنه للفظ ولمعنى ، وأما البدل من الضمير في يحكي فهو للمعنى خاصة.
ومعنى يحكي علينا : أي يخبر عنا.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٦٠ ، المقتضب ٤ / ٤٠٢ ، شرح النحاس ٢٤٠ ، شرح السيرافي ٤ / ٦٩ ، ٧٥ ، شرح الرماني (٣٦٦ ، ٣٧٠) شرح ابن السيرافي ٢ / ١٧٦ ، الاستغناء في أحكام الاستثناء ١٨١ ، الهمع ١ / ٢٢٥ ، شرح شواهد المغني ١ / ٤١٧ ، الخزانة ٣ / ٣٤٨.