ذاك إلا زيدا ، بمنزلة ما رأيت ، حيث دخله معنى النفي.
وقوله : فليس هذا في القوة كقولك : لا أحد فيها إلا زيدا وأقل رجل رأيته إلا عمرو.
يعني ليس قولك : إن أحدا لا يقول ذاك في القوة كقولك : لا أحد و" أقل رجل" ، لأن هذا الموضع ، إنما ابتدئ مع معنى النفي.
يعني : لا أحد وأقل رجل ، وهذا موضع إيجاب ، يعني : أن أحدا لا يقول ذاك.
وقوله : " فجاز الاستثناء أن يكون بدلا من الابتداء".
يعني : فجاز في : لا أحد إلا زيد ، وأقل رجل رأيته إلا عمرو البدل من الابتداء ، لأن" أحدا" في موضع اسم مبتدأ.
وقوله : " لا يجوز أن يكون الاستثناء أولا لو لم تقل : أقل رجل ولا رجل.
يعني : لا تقول : إلا زيد أقل رجل رأيته ، ولا تقول : إلا زيد لا أحد في الدار ، لأنه لا بد من أن يتقدمه نفي ، فيجوز من أجله البدل.
وقوله : " وجاز أن يحمل على" إن" هاهنا".
يعني في قوله : إن أحدا لا يقول ذاك إلا زيدا ، فحمل" زيدا" في النصب على" أن" وجعل" إن" بمنزلة فعل منفي نصب زيدا بعد" إلا" كقولك : (ما رأيت أحدا يقول ذاك إلا زيدا).
هذا باب النصب في ما يكون المستثنى بدلا
وذلك قولك : " ما أتاني أحد إلا زيدا".
اختلف النحويون في الناصب للمستثنى في قولك : أتاني القوم إلا زيدا.
فأما الذي قال سيبويه فإنه يعمل فيه ما قبله من الكلام كما تعمل العشرون في ما بعدها إذا قلت : عشرون درهما.
وقال في باب غير : ولو جاز أن تقول : أتاني القوم زيدا تريد الاستثناء ولا تذكر" إلا" لما كان إلا نصبا.
وقال غيره : الذي يوجبه القياس والنظر الصحيح أن تنصب زيدا بالفعل الذي قبل" إلا" ، وذلك أن الفعل ينصب كلما تعلق به بعد ارتفاع الفاعل به على اختلاف وجوه المنصوبات ، فمن ذلك : المفعول به والمصدر والظرف والحال وكذلك المفعولات التي أخذت منها حروف الجر ، فوصل إليها الفعل ، ومنها التمييز بعد الفعل نحو : (تفقأت شحما). ومنها ما ينتصب بتوسط حرف بينه وبين العامل كقولك : ما صنعت وأباك؟. فلما كان" أتاني" قد ارتفع به فاعله وهم" القوم" ، وكان ما بعد" إلا" متعلقا به ، انتصب وعلق به ليعلم اختلاف حال القوم وحاله ، كما أن قولك : (رأيت زيدا إلا عمرا) ، قد تعلق حال زيد وعمرو برأيت على اختلاف أحوالهما في التعلق به.