* فإن تمس في قبر برهوة ثاويا |
|
أنيسك أصداء القبور تصيح (١) |
قال : فجعلها أنيسه والأصداء : جمع صدى ، وهو طائر تزعم العرب أنه يخرج من رأس القتيل إذا لم يدرك بثأره ، فلا يزال يصيح : اسقوني ، إلى أن يدرك بثأره.
وأنشد أيضا للنابغة الذبياني :
* يا دار مية بالعلياء فالسند |
|
عيت جوابا وما بالربع من أحد |
إلا الأواري لأيا ما أبينها |
|
والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد (٢) |
" فالأواري" و" النؤي" بدل من موضع أحد ، والنصب على الاستثناء أجود لانقطاعه من الأول. الأواري : محابس الخيل وهي من تأريت بالمكان إذا أقمت به.
والنؤي : حاجز حول الخيمة يحجز ماء السيل عنها. والمظلومة : التي مطرت في غير وقتها ، أو التي حفر فيها ولم يكن حقها أن يحفر فيها ، وأصل الظلم : وضع الشيء في غير موضعه.
قال : ومثل ذلك قوله :
* وبلدة ليس بها أنيس |
|
إلا اليعافير وإلا العيس (٣) |
يصف فلاة لا أنيس بها ، ثم جعل اليعافير والعيس أنيسها على المجاز ، فأبدلها مما قبلها ، ويجوز أن يكون بدلا على التقدير الثاني الذي تقدم ذكره في المسألة.
وأنشد للنابغة في مثل هذا :
* حلفت يمينا غير ذي مثنوية |
|
ولا علم إلا حسن ظن بصاحب (٤) |
النصب والرفع جائزان على ما تقدم.
قال المبرد : سألت المازني : هل تجيز لا إله إلا الله ، فأجازه على وجهين : على تمام الكلام لأنه أضمر لنا وللناس فنصبه بالاستثناء.
والوجه الآخر : أن تجعل" إلا" وصفا ، كأنه قال : لا إله غير الله ، وأضمر الخبر ، وجعل" إلا" وما بعدها في موضع" غير" ورفعه على البدل من موضع إله أحسن لأنه إيجاب بعد النفي والخبر أيضا محذوف.
__________________
(١) ديوان الهذليين ١ / ١١٦.
(٢) ديوانه ص ١٦ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٦٤ ، معاني القرآن ١ / ٢٨٧ ، المقتضب ٤ / ٤١٤ ، شرح النحاس ٢٤١ ، شرح السيرافي ٤ / ٩٥ ، شرح الرماني (٣٨٦ ، ٣٨١) ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٥٤.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ١٣٣ ، ١ / ٣٦٥ ، معاني القرآن (١ / ٤٧٩ ، ٢ / ١٥ ، ٣ / ٢٧٣) ، المقتضب ٤ / ٤١٤ ، مجالس ثعلب ١ / ٢٧٦ ، شرح النحاس ٢٤٢ ، شرح السيرافي ٤ / ٩٦ ، المسائل البغداديات ٤٦٧ ، شرح الرماني (٣٨٧ ، ٣٨١) ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٤٠ ، الإنصاف (١ / ٢٧١ ، ٣٧٧) ، الجنى الداني ١٦٤.
(٤) ديوانه ٣ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٦٥ ، شرح النحاس ٢٤٢.