جوده فيصير عيبه ونقصه مخالفا" لكملت خيراته" على ما ذكرناه.
وأنشد للفرزدق :
* وما سجنوني غير أني ابن غالب |
|
وأني من الأثرين غير الزعانف (١) |
واحد الزعانف : زعنفة وهو الدخيل في القوم الملتصق بهم
وواحد الأثرين : الأثري. وهو الكثير العدد.
قال سيبويه : " ولكني ابن غالب"
فالظاهر من كلامه أنه لم يقع به سجن ، كأنه قال : ما أنا الذي يناله سجن وذل ، ولكني ابن غالب عزيز ، لأن من له هذا النسب فهو عند الفرزدق عزيز.
وكان المبرد يرد على سيبويه ، وينكر تأويله على معنى" لكن" ، لأنه يوجب أن الفرزدق لم يسجن ، والصحيح أنه كان مسجونا وكان الذي سجنه خالد بن عبد الله القسري عامل هشام بن عبد الملك وهذا البيت من قصيدة يمدح فيها هشاما ، ويستجيره وقبل هذا البيت :
وما زال فيكم آل مروان منعم |
|
عليّ بنعماء بادئ ثم عاطف |
فإن كنت محبوسا بغير جريرة |
|
فقد أخذوني آمنا غير خائف (٢) |
وما سجنوني ... (البيت).
وذهب المبرد إلى أن معنى البيت : وما سجنوني إلا أني ابن غالب ، أي : سجنوني حسدا لي على نسبي وشرفي.
ومذهب سيبويه جائز وإن كان مسجونا وذلك أنه لم يعد سجنه سجنا لأنه لم يبطل عزه ولم يلحقه ذل ـ كما يقول القائل : تكلمت ولم تتكلم. فكأنه قال : وما أذلوني بالسجن ، ولكني عزيز بمحلي ونسبي.
وأنشد لعنز بن دجاجة المازني :
* من كان أشرك في تفرق فالج |
|
فلبونه جربت معا وأغدت |
إلا كنا شرة الذي ضيعتم |
|
كالغصن في غلوائه المتنبت (٣) |
ويروى : المتبتت بكسر التاء. ويروى من كان أسرع
__________________
(١) ديوان ٢ / ٥٣٦ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٦٧ ، شرح النحاس ٢٤٥ ، شرح السيرافي (٤ / ١٠٥ ، ١١١) شرح الرماني (٣٩٥ ، ٣٩١) شرح ابن السيرافي ٢ / ١٠٢.
(٢) الديوان ٢ / ٥٣٦ وشرح الأعلم ١ / ٣٦٧ ، شرح السيرافي ٤ / ١١١.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٦٨ ، المقتضب ٤ / ٤١٦ ، شرح النحاس ٢٤٥ ، شرح السيرافي (٤ / ١٠٦ ، ١١٢) شرح الرماني (٣٩٦ ، ٣٩٢) ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٧١ ، فرحة الأديب ١٢٢.