فنعت كلا" بإلا" وما بعدها ، ولو نعت" الأخ" المخفوض بكل لقال إلا الفرقدين ، والتقدير : كل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه ـ وهذا الشعر الجاهلي لا يقول بالبعث ولا بفناء الأشياء. ويجوز أن يكون أراد : لا يتفرقان ما دامت الدنيا.
وروي أنه لعمرو بن معدي كرب ، وقيل هو لسوار بن المضرب.
قوله : ولا يجوز رفع زيد على" إلا أن يكون"
كأن قائلا اعتقد أن زيدا في قولك : ما قام أحد إلا زيد يرتفع بمعنى : إلا أن يكون زيد فأنكر سيبويه ذلك لأن" أن" مع ما بعدها موصولة ، وحذف الموصول أو حذف بعض صلته غير جائز.
هذا باب ما يتقدم فيه المستثنى
كلام سيبويه واحتجاجه في هذا الباب بين.
واعلم أن المستثنى بعد" إلا" إذا تقدم على شيء من نعت المستثنى منه ، فإن سيبويه ذكر فيه البدل والاستثناء ، وقدم البدل كقولك : (ما أتاني أحد إلا أبوك خير من زيد) وحجته أن المبدل منه إنما هو الاسم الأول وقد تقدم ، والنعت فضلة في الكلام يأتي بعد تمام الاسم الإخبار عنه.
واختار المازني الاستثناء ، وحجته أن المبدل منه في تقدير الملغي فإذا قدر المتكلم ملغي فما حاجتك إلى نعته؟ فوجب بذكر المتكلم نعت المستثنى منه بعد أن ألغى المنعوت ، وقدره محذوفا ساقطا أن ينصب ما بعد إلا لأنه استثناء مقدم قبل النعت الذي لم يلغه.
وذهب المبرد إلى اختيار البدل وحكاه عن سيبويه.
قوله : " من لي إلا أبوك صديقا".
قدره المبرد على أن من مبتدأة ، وأبوك خبره ، ومثله بقولك ما زيد إلا أخوك ، وصديقا : حال.
وقول سيبويه : " لأنك أخليت من للأب يدل على خلاف تقدير المبرد لأن معنى : أخليت من الأب ، أي : أبدلت الأب منه ، فعلى هذا يكون" من مبتدأ ، " ولي" خبره ، وأبوك :بدل من" من" كأنه قال : ما لي أحد إلا أبوك ، وتقدير المبرد لا يصح.
وأنشد سيبويه لكعب بن مالك :
__________________
ـ السيرافي (٤ / ١١٩ ، ١٢٢) ، المؤتلف والمختلف ٨٥ ، شرح الرماني (٤٠٥ ، ٤٠٦ ، ٤٠٧) شرح ابن السيرافي ٢ / ٤٦ ، فرحة الأديب ٢٠٠ ، الإنصاف ١ / ٢٦٨ ، الجنى الداني ٥١٩ ، الاستغناء (٣٣٥ ، ٣٣٦ ، ٣٤٤) ، شرح المفصل ٢ / ٨٩ ، شرح شواهد المغني ١ / ٢١٦ ، الهمع ١ / ٢٢٩ ، حاشية الصبان ١ / ١٥٧ ، الخزانة ٣ / ٤٢١.