زيدا ، ومن نصب زيدا ، فعلى معنى : إلا أن يكون بعضهم زيدا ، كما أضمر في" ليس" و" لا يكون" ومعنى ذلك كله : إلا زيدا.
واعلم أن" حاشى" عند سيبويه حرف جر ، معناه الاستثناء ، ولا يجيز النصب بها وخالفه غيره فجعلها حرفا وفعلا.
وحجة سيبويه ، أن العرب لم تصلها" بما" ، كما وصلت" خلا"" عدا" لأنها حرف ، و" ما" إنما توصل بالفعل ، ولو كانت" حاشى" فعلا لم يمتنع من ذلك.
وحجة من خالفه : أن الفعل قد تصرف منها كقولهم : حاشى يحاشى.
ولقائل أن يقول : هذا الفعل المتصرف أخذ من لفظ" حاشي" الذي هو حرف للاستثناء ، ومنزلته من" حاشى" الذي هو حرف ، " كمنزلة" هلّل" وحوقل من : " لا إله إلا الله" ، و" لا حول ولا قوة إلا بالله"
فقد صرف الفعل بما ليس بفعل. ومما احتج به المبرد في أنها فعل كقولهم : (حاشَ لِلَّهِ*) وزعم أنها لو كانت حرفا ، لم تدخل عليها اللام وهي حرف.
وقال الزجاج حاشى لله في معنى براءة الله ، وهي مشتقة من قولك : كنت في حشى فلان ، أي : في ناحية فلان وحاشيته.
فإذا قال : حاشى لزيد فمعناه : قد تنحى زيد من هذا وتباعد منه.
وعلى طريقة الزجاج قال بعض النحويين : " حاشى" في معنى المصدر.
قال : ويقال حاشى لله وحاشى الله كما يقال : براءة الله وبراءة لله فإن قيل : لم لم ينون إذا جعل مصدرا؟
فالجواب : أنه مبني مثل" بله" وجعله سيبويه مصدرا وهو مبني.
هذا باب علامة المضمرين وما يجوز فيهن كلهن
اعلم أن المضمر إنما دخل في الكلام خوفا من اللبس واحتراسا منه ، ومن النحويين من يسميه : " المكني" ، وذلك أن الأسماء الظاهرة ، كثيرة الاشتراك والالتباس ، وليس لها أحوال تقترن بها ، تدل على المختص منها إذا التبست ، وإنما تدل على اختصاص المختص منها ـ في كثير من أحواله ـ الصفات كقولنا : (مررت بزيد البزاز) ، وبهذا الرجل ، وبرجل ظريف.
والمضمرات تستغني عن ذلك بالأحوال المقترنة بها ، المغنية عن صفاتها ، والأحوال المقترنة بها : حضور المتكلم والمخاطب ، والمشاهد لهما ، وتقدم ذكر الغائب الذي يصير بمنزلة الحاضر المشاهد في الحكم.
واعلم أن ضمير المتكلم جعل له لفظ ينفرد به ، لا يشارك فيه غيره ، كما لا يشاركه غيره في لفظه وعبارته عن نفسه إذا كان لا يجوز كلام واحد من متكلمين ، ولا لفظ من لفظين.