هذا باب استعمالهم علامة الإضمار
الذي لا يقع موقع ما يضمر في الفعل إذا لم يقع موقعه
فمن ذلك قولهم : كيف أنت؟ وأين هو؟
وقال الشاعر :
* فكأنها هي بعد غبّ كلالها |
|
أو أسفع الخدين شاة إران (١) |
هي : خبر كأنها. يصف ناقة أنها بعد كلالها وتعبها كأنها نفسها قبل الكلال في النشاط والقوة ، أو كأن أسفع الخدين يعني : ثورا وحشيا ، وهو يسمى شاة ، وكذلك البقرة الوحشية تسمى شاة ونعجة.
وإران : نشاط ، يقال : أرن يأرن أرنا ، والاسم الإران. وشاة : بدل من أسفع. هذا تفسير بعضهم ، وقال قوم هي كناية عن سفينة ذكرت قبل هذا البيت في القصيدة ، وهي للبيد ، وشبه الناقة بها في السرعة.
وأنشد لعمرو بن معدي كرب :
* قد علمت سلمى وجاراتها |
|
ما قطّر الفارس إلّا أنا (٢) |
فوقعت الكناية بعد حرف الاستثناء ، فكانت منفصلة إذ لا سبيل إلى المتصلة هنا.
ومعنى قطّر : صرعه على أحد قطريه أي جانبيه. واعلم أن قولهم : " ها أنا ذا" و" ها أنت ذا" إنما يقال إذا طلب رجل ولم يدر أحاضر هو أم غائب ، فيقول المطلوب : ها أنا ذا ، أي : الحاضر عندك أنا ، ويقول القائل : أين من يقوم بالأمر؟ فيقال له : أنت ذا أي : أنت الحاضر في الموضع الذي التمست فيه من التمست.
وأكثر ما يأتي في كلام العرب" هذا" بتقديم" ها" والفصل بينهما وبين" ذا" بالضمير المنفصل.
وأنشد :
* ونحن اقتسمنا المال نصفين بيننا |
|
فقلت لها هذا لها وذا ليا (٣) |
استشهد به محتجّا للفصل بين هذا في قولك : ها أنا ذا ، وكذلك فصل هنا بينهما بالواو
__________________
(١) ديوانه ١٤٣ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٧٨ ، شرح النحاس ٢٥٥ ، شرح السيرافي ٤ / ١٦٣ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٤٢.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٧٩ ، شرح النحاس ٢٥٥ ، شرح السيرافي ٤ / ١٦٣ ، ١٦٦ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٩٩ ، فرحة الأديب ١٣٥.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٧٩ ، المقتضب ٢ / ٣٢٣ ، إعراب القرآن ١ / ٢١١ ، برواية النكت ، شرح النحاس ٢٥٦.