واحتج الأخفش بأن علامة الجر دخلت على الرفع في لو لا كما دخلت علامة الرفع على الجر في قولهم : ما أنا كأنت.
فإن قال قائل : حروف الخفض هي صلات للأفعال ، فإذا جعلتم لو لا خافضة للمضمر ، فصلة أي شيء تكون؟.
قيل له : حرف الجر قد يكون غير صلة لشيء كقولك :
بحسبك زيد ، ومعناه : حسبك ، وكذلك : هل من أحد عندك؟ وإنما هو هل أحد عندك؟
واحتج الزجاج لعمل" لولا" الجر في المضمر بأن خبر المبتدأ الذي بعد" لولا" لا يظهر ، فأشبهت حروف الجر لوقوع اسم واحد بعدها ، وكان المضمر لا يتبين فيه الإعراب ، فجعل موضع المجرور ، وزاد على هذا أنه احتج بقول رؤبة ، وهو ممن لا تدفع فصاحته :
* لولاكما قد خرجت نفساهما
وأما" عساك" و" عساني" ، فإن سيبويه جعل" عسى" بمنزلة" لعل" تنصب ما بعدها الاسم ، والخبر مرفوع في التقدير ، وإن كان محذوفا.
واستدل على نصب الكاف في قوله :
* يا أبتا علك أو عساكا (١)
بقول عمران بن حطان :
* ولي نفس أقول لها ـ إذا ما |
|
تنازعني ـ لعلي أو عساني (٢) |
والنون والياء في ما آخره ألف لا تكون إلا للنصب.
وقال الأخفش : " الكاف" في موضع رفع ، وحجته : أن لفظ النصب استعير للرفع في هذا الموضع ، كما استعير له لفظ الجر في" لولاك".
وجعلها المبرد في موضع نصب على خبر" عسى" وجعل اسمها مضمرا فيها مرفوعا وقاسه على قولهم : عسى الغوير أبؤسا.
هذا باب ما يحسن أن يشرك المظهر المضمر
في ما عمل فيه وما يقبح أن يشركه
بين سيبويه في هذا الباب أن ضمير النصب يعطف عليه ، وإن لم يؤكد ، لأنه كالمنفصل
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٨٨ ، المقتضب ٣ / ٧١ ، شرح النحاس ٢٦٠ ، شرح السيرافي ٤ / ٢٠٦ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٤٦ ، الخصائص ٢ / ٩٦.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٨٨ ، المقتضب ٣ / ٧٢ ، شرح النحاس ٢٦١ ، شرح السيرافي ٤ / ٢٠٧ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٢٤ ، الخصائص ٣ / ٢٥ ، الجنى الداني ٤٦٦.