من الفعل حيث لم يبين ولا استكن فيه كاستكان ضمير الرفع.
واستقبح العطف على المضمر المرفوع حتى يؤكّد ، وإنما ذلك لأن هذا الضمير قد يكون في الفعل بغير علامة كقولك : قم واذهب.
ومنه ما له علامة تغير بنية الفعل ، ولكن بتسكين آخره كقولك قمت وذهبت ، فلما كان كذلك ، واختلط بحروف الفعل ، صار المعطوف عليه في اللفظ ، كأنه قد عطف على الفعل وحده ، إذا كان الموجود لفظ الفعل مجردا ، أو ما يجري ببنيته مع الفعل كالمجرد ، والاسم لا يعطف على الفعل فقبح لذلك ، فإذا أكد المضمر المرفوع أو فصل بينه وبين المعطوف عليه بشيء حسن العطف وقوي ؛ لأنه يشبه الفاعل المنفصل بالتوكيد ، ويكون الكلام الذي بينه وبين المعطوف عليه عوضا من التوكيد.
وزعم الأخفش أنه سمع من يونس لابن أبي ربيعة :
* قلت إذا أقبلت وزهر تهادي |
|
كنعاج الملا تعسّفن رملا (١) |
فعطف على المضمر في أقبلت وإن لم يؤكده ، وهذا جائز في الشعر. يصف جارية أقبلت في جوار زهر يتهادين في مشيتهن ويترسلن فيها ثم شبههن ببقر الوحش إذ تعسفن رملا ، فسكنت مشيتهن وهذا كقوله :
يمشين في الربط والمروط كما |
|
تمشي الهوينا سواكن البقر |
هذا باب ما ترده علامة الإضمار إلى أصله
فصل سيبويه ـ في هذا الباب ـ بين توكيد المضمر بالنفس وتوكيده بأجمعين ، فلم يستحسن توكيده بالنفس حتى يؤكد ، واستحسن ذلك في أجمعين وإن لم يؤكد ذلك من أجل أن أجمعين لا يكون إلا توكيدا ، فلم يحتج إلى أن يتقدمه ضمير ، ولما كان النفس اسما يتصرف ويكون توكيدا وغير توكيد ، أشبه ما يعطف من الأسماء على الضمير المرفوع ، وبين أن عطف الظاهر المجرور على المضمر المجرور غير جائز ، واحتج بما ذكره في الباب.
وهذا لا اختلاف فيه بين النحويين.
واحتج المازني لذلك بأن قال : لما كان المضمر المجرور لا يعطف على الظاهر إلا بإعادة الخافض ؛ لأنه لا ينفصل ، حمل عطف الظاهر عليه محمله إذا كانا مستويين في العامل ، وقد جاء في الشعر عطف الظاهر المجرور على المضمر في أبيات كثيرة ، منها ما وقع في آخر هذا الباب من كتاب سيبويه.
__________________
(١) ملحقات ديوان عمر ٤٩٠ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٩٠ ، الكامل ١ / ٣٢٢ ، ٣ / ٩٣ ، شرح النحاس ٢٦٢ ، شرح السيرافي ٤ / ٢١٤ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٠١.