قال الشاعر :
* أبك أيه بي أو مصدر |
|
من حمر الجلة جأب حشور (١) |
فعطف المصدر على المضمر المتصل بالباء ، وكان حقه أن يكون منصوبا ، لأنه بمنزلة : امرر بي أو زيرا ، ولكنه اضطر إلى الجر لخفض القوافي ، ومعنى أية بي : صح بي ، يقال أيهت بالإبل : صحت بها ، ومعنى آبك : أويلك ، والمصدر : العظيم الصدر.
والجأب والحشور : الحمار الغليظ. والجلة : المسنة ، واحدها جليل.
وقال الآخر :
* فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا |
|
فاذهب فمابك والأيام من عجب (٢) |
هذا ليس قبله فعل يحمل عليه ، فالضرورة تدعو إلى حمله على المضمر المخوض.
وبيّن سيبويه أن هذا المضمر ـ وإن أكد ـ فعطف الظاهر عليه لا يجوز كما جاز في ضمير الرفع ، لأن التوكيد في المرفوع خارج عن الفعل ، فيعتبره بمنزلة الفاعل الذي ليس متصلا فتعطفه عليه كما تعطف على ما ليس بمتصل من الفاعلين ، والمجرور لا يكون إلا متصلا بالجار ، فلا يخرجه التوكيد إلى شبه ما ليس بمتصل ، فاعلم ذلك.
هذا باب ما لا يجوز فيه الإضمار من حروف الجر
وذلك الكاف الذي في أنت كزيد وحتى ومذ
وإذا اضطر الشاعر أضمر في الكاف.
قال العجاج :
* وأمّ أو عال كها أو أقربا
وقال العجاج أيضا :
* ولا ترى بعلا ولا حائلا |
|
كهو ولا كهن إلا حاظلا (٣) |
بين سيبويه في الباب أنهم استغنوا بقولهم" مثلي" و" شبهي" عن إضافة" الكاف" ، واستغنوا بقولهم : " حتى ذاك" و" ومن ذاك" عن أن يضمروا.
وعلل الزجاج ذلك فقال : لم يجز الإضمار في" حتى" لأنه يقع ما بعدها على ضروب
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٩١ ، شرح السيرافي ٤ / ٢١٦.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٦٢ ، الكامل ٣ / ٣٩ ، شرح السيرافي ٤ / ٢١٦ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٢٠٧ ، الإنصاف ٢ / ٤٦٤ ، شرح المفصل ٢ / ٧٨.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٩٢.