" خير" واجتماعها مع هو لأنهما جميعا في مذهب واحد ، فسبيلهما سبيل" اللام" و" إن" ، في التوكيد لا يجتمعان ، فإذا فصل بينهما جاز.
هذا باب ما تكون فيه هو وأخواتها فصلا
اعلم أن أصل دخول الفصل ، إيذان للمخاطب المحدث ، بأن الاسم قد تم ولم يبق منه نعت ولا بدل ولا شيء من تمامه ، وأن الذي بقي من الكلام هو ما يلزم المتكلم أن يأتي به وهو الخبر ، وهو الذي نحاه سيبويه.
وقال بعضهم : إنما أتي به ليؤذن أن الخبر معرفة ، أو ما يقوم مقامها وأجمع من هذين في التعليل أن يقال : أتي بالفصل ليبين أن ما بعده ليس بنعت للاسم ، فجميع هذا سبب المجيء بالفصل ، وأن الذي بعده كان مما يصح أن ينعت به الأول.
ومما يفصل بين الفصل وبين الصفة والبدل ، أن الفصل تدخل عليه اللام ولا تدخل على الصفة والبدل ، تقول في الفصل :
إن كان زيد لهو الظريف ، وإن كنا لنحن الصالحين ، ولا يجوز مثل هذا في النعت والبدل ؛ لأن اللام تفصل بين البدل والمبدل منه ، والصفة والموصوف ، وإنما جاز دخولها على الفصل لأنه لا موضع له من الإعراب.
وقوله : " واعلم أنهن لا يكن فصلا إلا في الفعل من مذهبه أنهن يكن فصلا في" إن" وفي الابتداء ، وإنما ابتدأ بالفعل وخصه لأنه لا يتبين الفصل إلا فيه ، وأما" إن" والابتداء ، فلا فرق فيهما بين الفصل وغيره في اللفظ.
وأنشد لقيس بن ذريح :
* تبكّي على لبنى وأنت تركتها |
|
وكنت عليها بالملا أنت أقدر (١) |
رفع" أقدر" ، ولو كانت القوافي منصوبة لنصب ، لأنه من النكرات المقاربة للمعرفة ، والمعنى : أقدر منك الآن. والملا : ما اتسع من الأرض. يصف أنه طلق لبنى في موضع مرتبعهم ، ثم ندم وبكى على فراقها.
وأنشد محتجّا لشيء قدمه لرجل من بني عبس :
* إذا ما المرء كان أبوه عبس |
|
فحسبك ما تريد إلى الكلام (٢) |
احتج به على أن اسم" كان" مضمر فيها بمنزلته في المسألة التي قدم ، والجملة خبرها.
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٩٥ ، شرح النحاس ٢٦٤ ، شرح السيرافي ٤ / ٢٣٧ ، شرح ابن السيرافي (١ / ٢٤٤ ، ٣٠٣) ، فرحة الأديب ٥٨ ، شرح المفصل ٣ / ١١٢ ، اللسان (ملا) ١٥ / ٢٩٢.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣٩٦ ، شرح النحاس ٢١.