هذا باب لا تكون فيه هو وأخواتها فصلا
ولكن يكن بمنزلة اسم مبتدأ ، وذلك قولك : ما أظن
أحدا هو خير منك
اعلم أن الفصل لا يكون بعد النكرة ، لأنه يجري مجرى صفة المضمر ، و" هو" وأخواتها معارف فلا يجوز أن يكن فصلا للنكرة كما لا يجوز أن تكون المعارف صفات للنكرة.
وأما ما ذكر سيبويه من إنزال أهل المدينة" هو" ها هنا بمنزلتها في المعرفة في كان ونحوه ، فإن هذا الكلام إنما حمل على ظاهره ، فهو غلط وسهو ، لأن أهل المدينة لم يحك عنهم إنزال" هو" في النكرة منزلتها في المعرفة. والذي حكي عنهم (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ.) و" هؤلاء" و" بناتي" جميعا معرفتان ، و" أطهر لكم" من باب هو خير منك.
والذي أنكر سيبويه ، أن يجعل : ما أظن أحدا هو خيرا منك بمنزلة : ما أظن زيدا هو خيرا منك ، وليس هذا مما حكي عن أهل المدينة في شيء. والذي يصح به كلام سيبويه ، أن يقال هذا الباب والذي قبله بمنزلة باب واحد ، لأن الباب الذي قبله لما يجوز فيه الفصل ، وهذا لا يجوز ، وقد يضمن باب واحد ما يجوز وما لا يجوز في معنى واحد وترجمة الباب الثاني كالفصل ، وقد يجري في كلام سيبويه أن يترجم بابا يتضمن أشياء ثم يعيد ترجمة الباب في بعض تلك الأشياء.
فإنما قصد سيبويه إلى الآية خاصة.
ومعنى قول أبي عمرو : احتباء ابن مروان في ذه باللحن أي : اشتمل بالخطأ وتمكن فيه ، وهو من قراء المدينة ، وإنما لحن في قراءته لأنه جعل الفصل بين الحال وما قبلها ، ولا يكون انفصال إلا بين شيئين لا يستغني عنهما ، وجملة ذلك ما كان بمنزلة الابتداء والخبر.
هذا باب أي
اعلم أن" أيا" لتبعيض ما أضيف إليه ، ويأتي للاستفهام والجزاء فلا يوصل ، ويكون بمعنى" الذي" موصولا ، وهو موضوع على الإضافة لأن المراد به في أحواله الثلاث : بعض ما أضيف إليه وقد يفرد ومعناه الإضافة وردّ على سيبويه من هذا الباب قوله :
" وإن أدخلت الفاء جاز وجزمت تشاء" ونصبت" أيها" يعني في قولك : أيها تشأ لك.
فقال الراد : إضمار الفاء إنما يجوز في الشعر ، وقد ذكره سيبويه والذي أراده سيبويه : إذا أضمرت في الموضع الذي يجوز إضماره كان حكمه أن ينصب" أيها" بفعل الشرط ويجزم فعل الشرط.
وذكر سيبويه أن العرب تقول : اضرب أيّهم أفضل ، والكوفيون يأبون هذا ويجرونه على القياس فينصبون.