تخليص كل من ذكر منهم بالنعت ، فإذا قال : أي عبد الله؟ ، فإنما سئل عن نعته فيقول المسئول : العطار أو البزاز ، كما يبتدئ المتكلم بمعرفة وينعته إذا خاف اللبس ، ولا بد من ذكر عبد الله ؛ لأن الجواب نعت ولا بد من ذكر المنعوت.
هذا باب : " من" إذا كنت مستفهما عن نكرة
القول في حذف الاسم المنكور بعد" من" كالقول في حذفه بعد" أي" ، إلا أن (من) ضمّن لفظه من علامات دلائل إعراب المسئول عنه ـ وتثنيته وجمعه وتأنيثه ـ ما يدل عليه ، وهذه العلامات ، إنما تلحقها في الوقف وليست بإعراب لها ؛ لأنها مبنية على السكون ، وإنما هي دلالة على المسئول عنه. وإنما أدخلوا الضمة على" من" ولم يجز الوقف على الضمة لأنه لا يوقف على متحرك ، ولم يجز أيضا ضمها إذا وصلوا ، لأن" من" مبنية على السكون ، فاحتاجوا إلى وصلها بالواو في الوقف ليتبين ما قصدوه من الدلالة على المسئول عنه وصار وصلها بالواو والياء والألف كوصل حرف الروي في قولك في القافية : الرجلو ، والرجلا ، والرجلي. ولم يفعلوا هذا" بأي" في الوقف لأنه معرب جار مجرى زيد وفرس ، ففعل به في الوقف ما فعل بهما.
وقولهم في تثنية المؤنث : منتين بتسكين النون ، إنما كان ذلك لأن النون كانت في" من" ساكنة ، وإنما حركتها في" منه" من أجل ما بعدها لأن هاء التأنيث لا تقع إلا بعد حرف متحرك.
وحركت النون في" منو" و" مني" لعلتين : (١)
إحداهما : قولك في النصب : " منا" لأن الألف لا تقع إلا بعد مفتوح فلما حركت في النصب ، حركت في الرفع والخفض ليكون المجرى واحدا.
والعلة الأخرى : أن الياء والواو خفيتان ، فحرك ما قبلهما ليظهرا ويثبتا. وإن شئت قلت : أدخلوا الضمة والكسرة والفتحة أولا ، كما يدخلونها في" أي" وتبعتها الحروف لما تقدم من العلة في ذلك.
وأما" منتين" ، فسكنوا النون لأنهم بنوها مع التاء كما قالوا : منت ، وبنت وأخت ، وحركوها في الواحد لخفاء الهاء ومضارعتها الألف ، ففتحوا ما قبلها كما يفتح ما قبل الألف.
وأنشد سيبويه في جمع" من" في الوصل ضرورة :
* أتوا ناري فقلت : منون أنتم؟ |
|
فقالوا : الجن قلت : عموا ظلاما (٢) |
__________________
(١) المقتضب ٢ / ٣٠٥.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٤٠٢ ، نوادر أبي زيد ١٢٣ ، المقتضب ٢ / ٣٠٦ ، شرح السيرافي ٤ / ٢٦٧ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ١٨٣ ، الخصائص ١ / ١٢٩ ، ما يجوز للشاعر في الضرورة ٢١٥.