(أن) الخفيفة ، وما كان من أفعال الإيجاب انفرد بالمشددة ، وما كان لغير الإيجاب انفرد بالمخففة ، فلما كانت" أن" و" أن" تجتمعان في كثير من الكلام ـ ومعناهما واحد في دلالتهما على المصدر ، ولفظهما سواء ـ حمل نصب الفعل" بأن" على نصب الاسم" بإنّ".
وأما" لن" و" كي" و" إذن" فمحمولة على" أن" في النصب لمشاركتها لها في الاستقبال ، والدليل على ذلك أن" إذن" قد تدخل على الحال فيبطل النصب بها.
وذكر سيبويه عن الخليل في" لن" أن أصلها : " لا أن" ، ورد عليه سيبويه بما ذكر في الباب.
ومما يدل على بطلانه ، أنا إذا قلنا : لن أضرب زيدا ، كان كلاما تامّا لا يحتاج إلى إضمار شيء. وإذا قلنا : لا أن أضرب زيدا لم يتم به الكلام ، لأن (أن) وما بعدها بمنزلة اسم مبتدأ لا خبر له ، وليس لفظ" لن" وفقا للفظ" لا أن" ولا معناها كمعناها ، فما الذي أوجب أنها هي؟
فإن قال قائل : إذا زعمتم أن : " لن" و" كي" و" إذن" ، إذا حملت على" أن" في نصبهن لاشتراكهن في الاستقبال ، فهلا نصبتم فعل الأمر. والنهي والمجازاة وهن مستقبلات؟
قيل له : أما لام الأمر ، فما بعدها جزم ، لأنه بمعنى الأمر المبني على السكون ، فلمضارعته له ، ودخوله في معناه حمل على إعراب لفظه كلفظ البناء وحمل النهي على الأمر ، لأنه نقيضه ، والأمر مبني ، كما جزم الفعل بلم ، لأنه نقيض الماضي والماضي مبني.
وأما المجازاة فجزمت لأنها شرط وجواب ، فطالت ، واختاروا لها أخف
الإعراب وهو الجزم لطولها.
هذا باب الحروف التي تضمر فيها" أن"
ذكر سيبويه في هذا الباب أن" كي" قد تكون بمنزلة اللام فتنصب بإضمار" أن" واستدل على ذلك بقولهم : كيمه كما يقولون لمه ولو لم تكن بمنزلة اللام لثبتت الألف في" ما" لأنّها لا تسقط إلا إذا كانت" ما" في موضع خفض ، واتصل بها الخافض في الاستفهام.
ولام الجحد عند سيبويه : بمنزلة" كي" في إضمار" أن" بعدها ، وبينهما فصل في إظهار" أن" بعدهما ، فاستحسن ظهورها بعد لام" كي" ولم يجز ظهورها بعد لام الجحد ، وإنما قبح ظهورها بعد لام الجحد لأنها نقيض فعل ليس تقديره تقدير اسم ، ولا لفظه لفظ اسم ، وهو" السين" و" سوف" فإذا قلنا : " ما كان زيد ليخرج" فهو قبل الجحد : كان زيد سوف يخرج" أو سيخرج" فإذا قلنا : " ما كان ، وزيد لأن يخرج" ، بإظهار" أن" فكأنما جعلنا مقابل : " كان سوف يخرج" و" سيخرج" اسما فكرهوا" أن" لذلك.
وقال الكوفيون : لام الجحد هي العاملة بنفسها ، وأجازوا تقديم المفعول كقولك : ما كنت زيدا لأضرب.
وأنشدوا :